منهم في الندرة إنما يطلبه كما ذكرنا آنفا فيعرضون كلام الله تعالى وكلام الرسول صلى الله عليه وسلم على قول صاحبهم وهو مخلوق مذنب يخطىء ويصيب فإن وافق قول الله وقول رسوله صلى الله عليه وسلم قول صاحبهم أخذوا به وإن خالفاه تركوا قول الله جانبا وقوله صلى الله عليه وسلم ظهريا وثبتوا على قول صاحبهم وما نعلم في المعاصي ولا في الكبائر بعد الشرك المجرد أعظم من هذه وأنه لأشد من القتل والزنى لأن فيما ذكرنا الاستخفاف بالله عز وجل وبرسوله صلى الله عليه وسلم وبالدين ولأن من ذكرنا قد جاءته موعظة من ربه فلم ينته وعاد إلى ما نهي عنه وعرف أنه باطل فتدين به واستحله وعلمه الناس وأما القاتل والزاني فعالمان أن فعلهما خطأ وأنهما مذنبان فهما أحسن حالا ممن ذكرنا وقد قال تعالى {لذين يأكلون لربا لا يقومون إلا كما يقوم لذي يتخبطه لشيطان من لمس ذلك بأنهم قالوا إنما لبيع مثل لربا وأحل لله لبيع وحرم لربا فمن جآءه موعظة من ربه فنتهى فله ما سلف وأمره إلى لله ومن عاد فأولئك أصحاب لنار هم فيها خالدون} هذا وهم يقرون أن الفقهاء الذين قلدوا مبطلون للتقليد وأنهم قد نهوا أصحابهم عن تقليدهم وكان أشدهم في ذلك الشافعي فإنه رحمه الله بلغ من التأكيد في اتباع صحاح الآثار والأخذ بما أوجبته الحجة حيث لم يبلغ غيره
وتبرأ من يقلد جملة وأعلن بذلك نفعه الله به وأعظم أجره فلقد كان سببا إلى خير كثير فمن أسوأ حالا ممن يعتقد أن التقليد ضلال وأن التقليد هو اعتقاد القول قبل اعتقاد دليله ثم هم
لا يفارقون في شيء من دينهم وهذا مع ما فيه من المخالفة لله عز وجل ففيه من