للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الواو والياء ليستا عندهم كسائر الحروف، والحركات فيهما١ مستثقلة -وسنبين ذلك إن شاء الله- فأبدلوا مكانهما٢ حرفا أجلد منهما, مخرجه من مخرج الذي بعده؛ ليثبت على هيئة واحدة في جميع ما تصرف منه, وكان ذلك أخف عليهم من أن يتبعا ما قبلهما.

قال أبو الفتح: يقول: لما كان تركهم الباء والواو في "افتعل" غير مدغمين٣ يُلزِمهم قلبهما٤ تارة كذا وتارة٥ كذا، أرادوا إبدالهما حرفا أقوى منهما يؤمن انقلابه, فقُلبا٦ إلى لفظ ما بعدهما وهو التاء؛ فلذلك قالوا: "اتزن، واتأس".

ومعنى قوله: إن الواو والياء ليستا كسائر الحروف؛ لأنك لو قلت في قافية "خير" وفي قافية "شر" لم يجز لمكان الياء في "خير", وذلك أن الواو والياء أختان للألف ومشبهتان بها لما فيهما من المد؛ ولذلك جعلوهما أردافا قبل حرف الروي، نحو قول قطري بين الفجاءة:

من الخفرات البيض لم أر مثلها ... شفاء لذي داء ولا لسقيم

وكذلك قول امرئ القيس:

قد أشهد الغارة الشعواء تحملني ... جرداء معروقة اللحيين سرحوب

فالياء في "سقيم", والواو في "سرحوب" مشبهتان بالألف في نحو قوله:

تهوي كجندلة المنجنيق ير ... مى بها السور يوم القتال


١ ظ، ش: فيها.
٢ ظ: مكانها.
٣ ظ، ش: مدغمتين.
٤ ظ: قبلها. ش: قلبها، والأول تصحيف.
٥ ظ، ش: وأخرى.
٦ ظ، ش: فقلبتا.

<<  <   >  >>