للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وكذلك قول الآخر:

أبلغ النعمان عني مَأْلُكا ... أنه قد طال حبسي وانتظاري

فقد يجوز أيضا أن يكون جمع "مَأْلُكة" وهي الرسالة، أو يكون حذف الهاء ضرورة وهو يريدها.

وإن كان "مَعِيش" جمع "مَعِيشة" فجائز فيه "مفعُل، ومفعِل" جميعا، وإذا كان الأمر كذلك فحق "معاش, ومعيش١، ومعيشة" ألا تهمز٢ في الجمع؛ لأنه قد كانت عينه متحركة في الأصل، فإذا احتاج إلى حركتها٢ في الجمع حرَّكها٣ ولم يقلبها واحتملت الحركة؛ لأنها قوية وهي من الأصل، وقد كانت متحركة في الواحد، وإنما يهمز في الجمع حروف المد واللين التي لا حظ لها في الحركة في الواحد نحو ألف: "رسالة"، وياء: "صحيفة", وواو: "عجوز" إذا قلت: "رسائل، وصحائف، وعجائز".

فأما قول العرب: "مصائب" فغلط؛ لأن الياء في "مصيبة" عين الفعل وهي منقلبة عن واو وأصلها "مُصْوِبة" وأصلها الحركة وقياسها "مصاوب".

وقد كان أبو إسحاق ذهب إلى أن الهمزة في "مصائب" إنما هي بدل من الواو في "مصاوب" كما قالوا: "إسادة" في "وسادة" وأنكر ذلك عليه أبو علي، وقال: إن الواو لا تقلب همزة وسطا إذا كانت مكسورة، وقد بينت هذا.

وذكر أبو الحسن أن الذي شجعهم على أن شبهوا "مصيبة" بـ "صحيفة" حتى همزوها في الجمع، أنها قد اعتلت في الواحد بأن قلبت الواو ياء, فتوهنت العين بالقلب, فأشبهت الياء الزائدة؛ لأنها في الحقيقة ليست من الأصل، وإنما هي بدل


١ معيش: زيادة من ظ، ش.
٢، ٢ ساقط من ظ، ش.
٣ ش: حركتها.

<<  <   >  >>