للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وكأن أبا عثمان إنما ذكره وحده دون غيره لهذا المعنى، ألا ترى أنهم لو قالوا: "يتدحرَج" فكسروا الراء لم يكن يشبه مصدرا ولا جمعا، فالباب في هذا لـ "تفاعل", وغيره داخل عليه.

فإذا صرت إلى بناء الفعل للمفعول وهو الذي يسمى "باب ما لم يسم فاعله", انفتح ما قبل الطرف في جميع المضارع؛ لأن ما قبل الطرف لا يكون في الماضي إلا مكسورا، ففُتح في المضارع؛ لأن هذا لا يختلف في جميع الأفعال١ التي لم يسم فاعلوها، وذلك قولك٢: "أُكرِم يُكرَم، وانطُلِق به يُنطلَق، وتُغُوفل عنه يُتغافَل"، فجرى ذلك مجرى "شَرِب يَشرِب" لما كُسر الماضي فُتح المضارع.

وإنما جاء أبو عثمان بيَسمَع ويُسمَع؛ ليريك أن لباب "يَتغافل ويُتغافل عنه" نظيرا ثلاثيا بغير٣ زيادة. فأما يَسمع، فإنما وجبت الفتحة فيه من قِبَلِ أن ماضيه مكسور العين وهو سمع وليس من قبل حرف الحلق، ألا ترى أنك تقول: "ركب يركب، وشرب يشرب" فتفتح العين من المضارع ولا حرف حلق فيه؟ وكذلك ما لم يسم فاعله وهو "سُمع يُسمع", فجرى مجرى "ضُرب يُضرب".

قال أبو عثمان: وإنما كتبت لك في صدر هذا الكتاب هذه الأمثلة؛ لتعلم كيف مذاهب العرب فيما بَنَتْ من الأسماء والأفعال، فإذا سُئلت عن مسألة فانظر: هل بنت العرب مثالها؟ فإن كانت بنت، فابنِ مثل ما بنتْ،


١ ظ، ش: الأحوال.
٢ ظ، ش: قولهم.
٣ ظ، ش: بعد, وهو تصحيف.

<<  <   >  >>