للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهكذا استمرت البشرية على دين الإسلام عشرة قرون، وبعد هذه المدة بدأ الشرك في الظهور، واختلف الناس، فبعث الله رسله مبشرين ومنذرين، بلاغا وإرشادا؛ ولذلك بعث شيث عليه السلام، وإدريس عليه السلام؛ نصرا لأهل الحق، ومحافظة على دين الله القويم.

يُروى عن قتادة رضي الله عنه أنه قال: "ذكر لنا أنه كان بين آدم ونوح عشرة قرون، كلهم على الهدى، وعلى شريعة الحق، ثم اختلفوا بعد ذلك، فبعث الله نوحا عليه السلام"١.

وعن ابن عباس: "أنه كان بين آدم ونوح عليهما السلام عشرة قرون كلهم على الإسلام"٢.

وهذه الآراء بيان لاستمرار الإسلام في الناس منذ آدم إلى نوح عليه السلام، فلما اختلفوا وانقسموا جاء رسل الله، وعلى رأسهم نوح عليه السلام.

والتعبير بالاختلاف في الآية بيان لتمسك فريق من الناس بالإسلام الذي كانوا جميعا عليه، حين ارتد فريق منهم، وعبدوا الأصنام، وأشركوا في الألوهية، وبذلك وجد الاختلاف والتفرق بدليل أن الله توعد هؤلاء المشركين الذين أشركوا وضيعوا وحدة الأمة وتجمعها على الدين الحق، يقول تعالى: {وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} ٣.

ومع الاختلاف على الدين الحق قبيل نوح عليه السلام نرى أن والد نوح كان مؤمنا موحدا امتدادا لآبائه من قبله، دليل ذلك أن نوحا عليه السلام دعا لأبيه كما


١ الحاوي ج٢ ص٣٧٢.
٢ تفسير الطبري ج٤ ص٢٧٥.
٣ سورة يونس آية ١٩، ودلالة الآية أن الله توعد المختلفين، والله لا يتوعد إلا بسبب كفر أو معصية.

<<  <   >  >>