[المسألة الثانية: بعد آبائه عن الشرك وعبادة الأصنام]
...
المسألة الثانية: بعد آبائه صلى الله عليه وسلم عن الشرك وعبادة الأصنام
ثبت بالأدلة والبراهين العديدة أن أصول النبي صلى الله عليه وسلم وآباءه من لدن آدم عليه السلام إلى والده المباشر عبد الله بن عبد المطلب، كانوا جميعا بعيدين عن الشرك وعبادة الأصنام.
والأدلة على ذلك عديدة، يجمعها السيوطي -رحمه الله تعالى١- في مقدمتين ليصل إلى نتيجة عقلية مسلمة:
أما المقدمة الأولى: فهي أن آباء النبي صلى الله عليه وسلم هم من خير الناس، كل منهم أفضل معاصريه وأخيرهم، فهم خيار من خيار، اصطفاهم الله منذ وجود آدم عليه السلام، واستمر هذا الاصطفاء معهم حتى جاء رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم.
أما المقدمة الثانية: فإنها تظهر حقيقة دينية تاريخية، وهي أن الأرض لم تخل من عهد آدم عليه السلام إلى بعثة النبي صلى الله عليه وسلم وإلى أن تقوم الساعة من أناس على الفطرة يوحدون الله، ويعبدونه بما بقي من دين سابق، ويرون أن الأصنام والأوثان وما يماثلها، ما هي إلا افتراءات لا حقيقة لها؛ ولذلك فهم بعيدون عنها، لا يقتنعون بها..
فإذا انضمت المقدمة الأولى إلى المقدمة الثانية لظهر بجلاء أن آباء النبي صلى الله عليه وسلم في كل عصر كانوا من هؤلاء الأناس الذين عاشوا بالفطرة النقية الموحدة؛ ذلك أن الخيرية والأفضلية تقوم أساسا على التوحيد والتقوى.
ومن الواجب التسليم بهذا؛ لأن الأفضلية إذا لم تقم على التوحيد، وقامت على المال أو الكثرة أو السلطان مثلا، فإن الشرك يعلو التوحيد، ويفضل المشرك