بمراجعة تاريخ الدعوات الإلهية منذ آدم عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه وسلم نلمس ضخامة الجهد المبذول، والمعاناة التي بذلها الأنبياء لأداء الأمانة التي تحملوها في سبيل الله تعالى.
ولذلك نشير إلى ضرورة إدراك هذه الحقيقة؛ ليقوم الجميع بما يجب عليه إزاء الدعوة.
إن الدعوة إلى الله تحتاج إلى إخلاص المسلمين جميعا، وخير للدعوة أن تتكاتف الأمة كلها في هذا المجال.
لقد رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم بالدعوة، ويقوم معه كل من يدخل في الإسلام؛ ولذلك أخذت الدعوة الصورة الجماعية منذ الجهر بها، ولم يحدث مرة أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان في اتجاه، وكان المسلمون في اتجاه آخر، ورأينا -كذلك- المسلمين وهم يدعون إلى الله في صورة تقرب الناس إليهم، وتعرفهم الإسلام برفق وهدوء، وتدعو إلى الله بالحسنى والخلق الجميل.
ورأينا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رغم الضعف والقلة يقومون بالدعوة ويضيفون للإسلام أتباعا مؤمنين صادقين، فلقد أدخل مصعب بن عمير الإسلام في كل بيوت المدينة، وعاش جعفر بن أبي طالب في الحبشة داعيا محبوبا بين غير المسلمين.
وليس من فقه الدعوة أن يخاطب الناس بما ينفرهم من دين الله تعالى، فلقد علمنا الله أن نقول لأهل الكتاب {وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ} ونقول لهم: {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِين} .