إيصال الإسلام للناس فن لا يقدر عليه الجميع؛ ولذا كان من الضروري إيجاد داعية يملك القدرة على أداء هذه المسئولية.
إن الدعوة تحتاج إلى داعية متصف بصفات عديدة تجعله قادرا على القيام بواجب الدعوة على الوجه الذي يرضي الله ورسوله.
وأول هذه الصفات عراقة الأصل، وشرف المنزلة؛ لأن الناس تعودوا الخضوع لعلية القوم، والاستماع لأصحاب المنزلة فيهم.
وقد علم النظام القبلي أهل مكة أن يكون لكل قبيلة شيخ، ولكل فخذ رئيس يأمر فيطاع، ويحتاج فيعطى؛ ولذلك وجب أن يكون الداعية بين الناس متميزا فيهم بكرم الخلق، وعلو المنزلة، كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو من خير العرب نفسا، ومن خيرهم نسبا، فهو خيار من خيار.
ومن أهم ما يجب أن يتحلى به الدعاة أن ينشئوا نشأة عملية، يعايشون فيها الناس على اختلاف مواطنهم ومذاهبهم وثقافاتهم، كما أكرم الله رسوله صلى الله عليه وسلم بمعايشة: بني سعد، والرعاة، والتجار، واليهود، والنصارى، وأهل مكة، الأمر الذي مكنه بعد ذلك من التعامل الجيد مع الناس جميعا.
ومما يجب أن يتحلى به الدعاة مكارم الأخلاق؛ لأن ذلك أدعى للثقة، وأقوى في التصديق.
وهذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم اشتهر بين قومه بالصدق والأمانة، وكان الغرباء عن مكة يسألون عن خلق رسول الله، فإذا علموا تميزه بالخلق الكريم أقبلوا عليه.
والداعية وارث النبي صلى الله عليه وسلم في مهمته الإرشادية، والقائم مقامه في إبلاغ دين الله، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يرشد المسلمين إلى ذلك، فقال لأصحابه: "ألا ليبلغ