استمرت الدعوة سرية مدة عامين ونصف، وبعدها أمر الله رسوله بالجهر بالدعوة.. وهنا أخذ كفار مكة في صرف النبي عن دعوته، وبذلوا لهذا الغرض كل ما أمكنهم، وأهم ما لاقاه الرسول صلى الله عليه وسلم منهم ما يلي:
١- السؤال عن مدى صدق محمد صلى الله عليه وسلم:
أخذ كفار مكة يبحثون عن مطعن يوجهونه لمحمد صلى الله عليه وسلم، فأرسلوا رسلهم إلى أهل الكتاب يسألون عن مدى علمهم بصدق محمد، وكيفية كشف مزاعمه.
يقول محمد بن إسحاق بسنده عن ابن عباس قال: بعثت قريش النضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط إلى أحبار اليهود بالمدينة، فقالوا لهم: سلوهم عن محمد، وصفوا لهم صفته، وأخبروهم بقوله، فإنهم أهل الكتاب الأول، وعندهم ما ليس عندنا من علم الأنبياء، فخرجا، حتى أتيا المدينة، فسألوا الأحبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووصفوا لهم أمره، وبعض قوله.
وقالا: إنكم أهل التوراة، وقد جئناكم لتخبرونا عن صاحبنا هذا.
فقالوا لهم: سلوه عن ثلاث نأمركم بهن، فإن أخبركم بهن فهو نبي مرسل، وإلا فرجل متقول، فتروا فيه رأيكم:
سلوه عن فتية ذهبوا في الدهر الأول، ما كان من أمرهم، فإنهم قد كان لهم حديث عجيب.
وسلوه عن رجل طواف بلغ مشارق الأرض ومغاربها ما كان نبؤه.
وسلوه عن الروح، ما هي؟
فإن أخبركم بذلك فهو نبي فاتبعوه، وإن لم يخبركم فإنه متقول، فاصنعوا في أمره ما بدا لكم.