للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الحادي عشر: صور الوحي]

...

المبحث الحادي عشر: صورة الوحي

تعتبر مدة انقطاع الوحي فاصلا بين النبوة والرسالة، فلقد نبئ صلى الله عليه وسلم لثمان مضين من شهر ربيع الأول سنة إحدى وأربعين من عام الفيل، ونزل عليه القرآن الكريم في شهر رمضان من نفس العام، والمدة بينهما هي فترة النبوة، وبعدها كان الرسالة.

ولقد كان الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيه بصورة عديدة، منها:

الأول: الرؤيا الصادقة في المنام ومثاله رؤية إبراهيم عليه السلام، كما يقول تعالى: {إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ} ١، فدل على أن الوحي كان يأتيهم في المنام كما كان يأتيهم في اليقظة، وما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعث رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح.

يروي البخاري بسنده عن عبيد بن عمير: رؤيا الأنبياء وحي٢.

الثاني: أن ينفث الملَك في روعه وقلبه من غير أن يراه، كما قال صلى الله عليه وسلم: "إن روح القدس نفث في روعي، لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها، فاتقوا الله، وأجملوا في الطلب، ولا يحملنكم استبطاء الرزق على أن تطلبوه بمعصية الله؛ فإن ما عند الله لن ينال إلا بطاعته" ٣.

يقول المفسرون في قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا} ٤: هو أن ينفث في روعه بالوحي الذي يخص القلب دون السمع.


١ سورة الصافات آية ١٠٢.
٢ صحيح البخاري - كتاب الوحي ج١ ص١١.
٣ سبل الهدى والرشاد ج٣ ص٣٥٢.
٤ سورة الشورى آية ٥١.

<<  <   >  >>