للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثالث: أن يأتيه مثل صلصة الجرس وهو أشده عليه، فيتلبس به الملَك حتى إن جبينه ليتفصد عرقا في اليوم الشديد البرد، وحتى إن راحلته لتبرك على الأرض.

يروي الشيخان عن عائشة رضي الله عنها: أن الحارث بن هشام رضي الله عنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف يأتيك الوحي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أحيانا يأتيني مثل صلصة الجرس، وهو أشده عليَّ، فيفصم عني وقد وعيت ما قال، وأحيانا يتمثل لي الملَك رجلا فيكلمني فأعي ما يقول" ١.

وروى ابن سعد بسند رجاله ثقات عن أبي سلمة الماجشون أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: "كان الوحي يأتيني على نحوين: يأتيني به جبريل فيلقيه عليَّ كما يلقي الرجل الرجل فذاك يتفلت مني، ويأتيني في شيء مثل صلصة الجرس حتى يخالط قلبي فذاك لا يتفلت مني" ٢.

الرابع: أن يكلمه الله تعالى بلا واسطة من وراء حجاب في اليقظة، كما في ليلة الإسراء، على القول بعدم الرؤية.

الخامس: أن يكلمه الله تعالى كفاحا بغير حجاب على القول بالرؤية ليلة الإسراء.

السادس: أن يكلمه الله تعالى في النوم، كما في حديث معاذ عند الترمذي: "أتاني ربي في أحسن صورة فقال: فيمَ يختصم الملأ الأعلى" ٣، وهذا النوع يختلف عن الرؤيا المنامية؛ لأن هذا كلام الله تعالى.

وذكر بعضهم أن من هذا النوع نزول سورة الكوثر لما رواه مسلم عن أنس قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا إذ أغفى إغفاءة ثم رفع بصره مبتسما


١ صحيح البخاري - كتاب بدء الوحي ج١ ص٤.
٢ طبقات ابن سعد ١/ ١٩٧.
٣ سنن الدارمي - باب رقم ١٢.

<<  <   >  >>