للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثالث: الوسائل والأساليب خلال المرحلة السرية]

قام الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه بدعوة الناس عن طريق الاتصال الشخصي والمواجهة المباشرة، وهذه الوسيلة تحتاج إلى معرفة مسبقة بين الداعي والمدعو؛ ليتمكن الداعي من تخير الوقت المناسب والحالة المناسبة والأسلوب المناسب، كما يتمكن المدعو من السؤال والاعتراض والرد بهدوء وتعقل.

وبمراجعة عدد المسلمين في المرحلة السرية، ومعرفة طرق إسلامهم، نرى اتصال الدعاة بهم مباشرة على نحو ما سبق ذكره.

وأما أسلوب الدعوة، فقد قام على عرض الأدلة الدقيقة المحكمة، على صورة سؤال أو إجابة، من ذلك ما روي في قصة إسلام عمرو بن عبسة السلمي رضي الله عنه -السابق ذكرها- حيث رأينا أن عمرًا كان يبحث عن دين خال من الخرافات والأكاذيب الموجودة في حياة العرب، ولم يرتضِ لنفسه أن يتخير حجرا، ويجعله إلها، فلما سمع برسول الله جاءه، وأخذ في سؤاله حتى تيقن من صدقه، وآمن به، وكان يقول رضي الله عنه: لقد رأيتني وأنا ربع الإسلام١.

ويبدو أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يخبره بكل من أسلموا؛ حفاظا على سلامتهم، وسلامة إيمانهم؛ ولذلك قال: لقد رأيتني وأنا ربع الإسلام.

وعلى هذا يمكن فهم التضارب الذي ظهر على ألسنة الصحابة، وهم يعدون السابقين إلى الإسلام؛ لأن كلا روى حسب علمه، وسط جو الاستخفاء والسرية المذكور، يعضد ذلك ما قاله كل من أبي ذر وسعد بن أبي وقاص من أنه ثلث الإسلام٢.


١ صحيح مسلم.
٢ صحيح البخاري.

<<  <   >  >>