للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[رابعا: تكامل شخصية محمد صلى الله عليه وسلم]

مع بلوغ محمد صلى الله عليه وسلم سن الأربعين١ تكاملت شخصيته في كافة جوانبها البشرية، فوصل إلى التمام في: صورته وخُلُقه وعقله وروحه، وذلك بفضل الله وعنايته.

إن النبوة تكليف إلهي، يصنع الله لها رجالا من خَلْقه، على نحو يريده سبحانه وتعالى، ويوحي إليهم، وبذلك توجد النبوة في النبي، وتتلاقى الرسالة والرسول في انسجام وتناغم وتوازن.

إن النبي صناعة إلهية، يقول الله عن موسى عليه السلام: {وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي} ٢، ويقول سبحانه على لسان عيسى: {قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا} ٣، وهكذا الأنبياء جميعا في تكوينهم وتنشئتهم وحياتهم؛ حيث نلقاهم جميعا محاطين بالرعاية والعناية، تحفهم خوارق العادات التي تمثل جزءا من حياتهم ونشاطهم قبل النبوة.

ويخطئ بعض الناس حيث يقفون أمام الإرهاصات والمبشرات موقف الإنكار والدهشة؛ لأنها خوارق للعادة جرت قبل البعثة، ويسلمون بخوارق العادات بعد النبوة؛ لأنها معجزة تصدق الرسول في نبوته.

وبعض آخر من الناس ينكر هذه المبشرات لخروجها عن مألوف عقولهم، ومعارضتها لتصوراتهم للكون والحياة.


١ شرح النووي على صحيح مسلم ج١٥ ص٩٩.
٢ سورة طه آية ٤١.
٣ سورة مريم آية ٣٠.

<<  <   >  >>