للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والواجب أن يدرك الجميع أن خوارق العادات تحيط بالرسول قبل بعثته، بل وقبل مولده، كما تكون معه بعد مبعثه؛ لأنها جميعا من الله، ولكل منها وظيفته ودوره.

والخارق للعادة مطلقا لا دخل للعقل فيه، فما بال فريق من الناس يؤمن بالبعض، ويكفر بالبعض الآخر.

إن العقل عاجز لا يمكنه تغيير مسار الأمور العادية القدرية؛ كحركة الأفلاك، وتكوين الجنين ... وغيرها، والعقل حين يعجز عليه أن يسلم بما يرى.. هذا في الأمور العادية..

وواجب أن يكون التسليم في كل قدر الله وبخاصة ما جاء خارقا للعادة مطلقا.

لقد أحاطت عناية الله محمدا صلى الله عليه وسلم من كافة النواحي، من ناحية نسبه، وحمل أمه به، وإرضاعه، ونشاطه، ورحلاته، وقد سبق ذكر صور لهذه العناية التي أثمرت شخصية متكاملة في واحد من الناس يريد الله له أن يكون رسولا نبيا.

وقد تجلى هذا الكمال البشري في شخصية محمد صلى الله عليه وسلم قبل مبعثه في الجوانب التالية:

١- سمو السلوك:

عاش محمد صلى الله عليه وسلم حياته كلها في أعمال فاضلة، وسلوك سليم، ولم يُؤْثَرْ عنه ريبة قط، بل كان في كل حالاته وأحواله رجلا فاضلا وممتازا، حتى عرف في مكة بحسن العمل وسمو السلوك.

ومع خروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى مجتمع مكة، واختلاطه بشبابها، وتعامله مع رجالها، كانت عناية الله معه، فصار رجلا أفضل قومه مروءة، وأحسنهم خلقا، وأكرمهم حسبا، وأحبهم جوارا، وأعظمهم حلما، وأصدقهم حديثا، وأكثرهم أمانة،

<<  <   >  >>