للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث السادس: مرحلة الجهر العام بالدعوة]

أكرم الله تعالى المسلمين في مكة بإسلام حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه وعمر بن الخطاب رضي الله عنه، فلقد أعز الله بهما الإسلام، وقوي المسلمون، يقول صهيب بن سنان رضي الله عنه: لما أسلم عمر ظهر الإسلام، ودعي إليه علانية، وجلسنا حول البيت حلقا، وطفنا بالبيت، وانتصفنا ممن غلظ علينا، ورددنا عليه بعض ما يأتي به١.

ويقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: ما زلنا أعزة منذ أن أسلم عمر٢، يروي ابن إسحاق أنه لما أسلم عمر نزل جبريل وقال: يا محمد، استبشر أهل السماء بإسلام عمر، وهو الفاروق؛ لأنه كان سببا في التفريق بين عهدين؛ لأنه لما أسلم قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ألسنا على الحق، وهم على الباطل؟

قال صلى الله عليه وسلم: "بلى".

قال عمر: ففيمَ الاستخفاء؟! ٣

وأصر عمر رضي الله عنه على أن يخرج المسلمون من دار الأرقم جهارا، معلنين إسلامهم، فخرجوا في صفين في أول الصف الأول عمر، وفي أول الثاني حمزة وهم يهللون، ويكبرون، ولهم دوي كدوي الرحى، حتى دخلوا المسجد الحرام بهذه الصورة الجهرية الجماعية؛ ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: "إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه" ٤.

والفرق واضح بين إظهار أبي بكر للإسلام وبين إظهاره بعد إسلام عمر؛ لأن إظهار أبي بكر كان فرديا، وأما بعد إسلام عمر فكان إظهارا جماعيا قام به المسلمون


١ الطبقات الكبرى ج٣ ص٢٦٩.
٢ المرجع السابق ص١٨.
٣ مناقب عمر لابن الجوزي ص١٨.
٤ الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان ج٦ ص٢٥٢.

<<  <   >  >>