لا يقف أمر الداعية عند تحسين صلته بالله على نحو ما سبق، فإن ذلك يفيد شخصه أولا وهو مستوى يحتاج إليه كل من أسلم وجهه لله وهو محسن، وإنما على الداعية أن يحسن صلته بالناس، فمعهم تكون دعوته، ولهم ينشرها، وبهم يحقق نصرها وفوزها، وهذه الصلة الاجتماعية ضرورية للداعية؛ لأنه:
أولا: أخ للناس استظهر عليهم بالنصح والتوجيه.
ثانيا: محل الثقة والنظر لما له من صفات ولما ينادي من مبدأ.
ثالثا: رائد الجماعة وزعيمهم؛ ولذلك وجب أن يتحلى بصفات تجعله يعيش وسط الناس في فهم وتقدير، ويتآلف معهم في مودة، ويتجلى بما يضعه في الريادة من غير منازعة وشكوك.
والناس جميعا إخوة، ومردهم جميعا إلى عنصر واحد، وهو آدم أبو البشر أجمعين، وعلى الداعية أن يتيقن ذلك، ويعمل على أساس أنه ليس هناك فرق بين إنسان وإنسان بسبب لونه أو طبيعته أو عنصره، وإنما التفاوت بشيء خارج عن ذات الشخص وعنصره؛ كإيمان، أو عمل، أو إخلاص، وهو تفاوت لا يمس الإنسانية في شيء، وقد وضح الله هذه الحقيقة بقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} ١.