وتتواصل إرهاصات النبوة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عند حليمة بعد عودته معها مرة ثانية، ومن هذه الإرهاصات حادثة شق الصدر، الثابتة بالروايات الصحيحة.
يروي مسلم بسنده عن أنس بن مالك رضي الله عنها:"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل عليه السلام وهو يلعب مع الغلمان، فأخذه فصرعه فشق عن قلبه، فاستخرج القلب، واستخرج منه علقة سوداء، فقال: هذا حظ الشيطان، ثم غسله في طست من ذهب بما زمزم، ثم لأَمَه، ثم أعاده في مكانه، وجاء الغلمان يسعون إلى أمه -يعني: ظئره- فقالوا: إن محمدا قد قُتل، فاستقبلوه، وهو منتقع اللون، قال أنس: وقد كنت أرى ذلك المخيط في صدره"١.
وروى ابن إسحاق عن نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالوا له: يا رسول الله! أخبرنا عن نفسك.
قال:"نعم أنا دعوة أبي إبراهيم، وبشرى أخي عيسى، ورأت أمي حين حملت بي أنه خرج منها نور أضاء لها قصور الشام. واسترضعت في بني سعد بن بكر، فبينما أنا مع أخ لي خلف بيوتنا نرعى بهما لنا؛ إذ أتاني رجلان -عليهما ثياب بيض- بطست من ذهب، مملوء ثلجا، ثم أخذاني فشقا بطني، واستخرجا قلبي فشقاه، فاستخرجا منه علقة سوداء فطرحاها، ثم غسلا قلبي وبطني بذلك الثلج حتى أنقياه، ثم قال أحدهما لصاحبه: زنه بعشرة من أمته، فوزنني بهم فوزنتهم، ثم قال: زنة بمائة من أمته، فوزنني بهم فوزنتهم، ثم قال: زنه بألف من أمته، فوزنني بهم فوزنتهم، فقال: دعه عنك، فوالله لو وزنته بأمته لوزنها"