للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثاني: حركة الرسول صلى الله عليه وسلم بالدعوة خلال المرحلة السرية]

[مدخل]

...

[المبحث الثاني: حركة الرسول صلى الله عليه وسلم بالدعوة خلال المرحلة السرية]

في مرحلة النبوة التي استمرت ستة أشهر أَلِفَ النبي صلى الله عليه وسلم ملاقاة جبريل عليه السلام، وتهيأت نفسه للمحافظة على ما يوحى إليه، والقيام بما يكلف به، والقدرة على تبليغه، والدعوة إليه.

وهنا نزل عليه جبريل عليه السلام بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ، قُمْ فَأَنْذِرْ} ١ حيث كلفه بالنهوض، وبذل الجهد، والإنذار، والدعوة، والقيام بواجبات الرسالة، وبذلك بدأ النبي صلى الله عليه وسلم أولى مراحل الدعوة التي استمرت حتى نزل قول الله تعالى: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ} ٢، وبلغت مدتها عامين ونصفا لتبدأ مرحلة الجهر بالدعوة بعد ثلاث سنوات من بداية الوحي٣، وقد عرفت هذه المرحلة بـ"مرحلة الدعوة السرية".

ومفهوم السرية التي وصفت بها الدعوة لا يعني الكتمان؛ لأن الدعوة بطبيعتها تعني تبليغ الغير أمرا ليتبعه، مع ترغيبه في الاتباع، وتخويفه من الترك، كما تفيد الدعوة الطلب المتكرر، والنصح المؤكد، وإظهار الخير، والمصلحة للمدعوين، بأساليب متعددة، وبوسائل مختلفة.

إن أبا بكر رضي لله عنه من السابقين الأول إلى الإسلام، ومع ذلك سمع قبل إسلامه من قريش أعداء الإسلام حديثهم عن الدعوة، مما يؤكد أن الدعوة لم تكن سرا مكتوما، ويروي ابن كثير أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:


١ سورة المدثر الآيتان ١، ٢.
٢ سورة الحجر آية ٩٤.
٣ السيرة النبوية ج١ ص٢٦٢، وبذلك تكون فترة تهيئة النبي للرسالة ستة أشهر.

<<  <   >  >>