من أساسيات النجاح في تبليغ الدعوة على وجهها الصحيح معرفة المدعوين والإحاطة بالواقع النفسي والفكري والاجتماعي لهم؛ لأن ذلك ييسر عملية الدعوة، ويمكِّن القائمين على شئونها من وضع الخطط الملائمة للمدعوين، ومراعاة ما هم عليه من فكر ودين واتجاه.
إن المعرفة بالمدعوين تمكن الدعاة من مخاطبة القوم بلغتهم، والدخول إلى عقولهم من الجوانب المؤثرة التي تدفعهم إلى النظر والتفكير.
إن كل جماعة لها خصائصها النفسية، واتجاهاتها العقلية، ونشاطها العملي، وفي هذه الجوانب توجد مفاتيح الولوج لشخصية الجماعة، ولذاتية الفرد وسط الجماعة.
والمقصود بالجماعة الطائفة من الناس التي تكون مجتمعا متماسكا مترابطا بواسطة انتماءات خاصة؛ كالوطن أو الدين أو التحزب، مما يؤلف بين أفرادها جماعة يشملهم تماسك نفسي، وولاء وجداني.
إن أي جماعة تعيش مدة ما في إطار انتماء معين، تكتسب صفات خاصة، واتجاهات جديدة، وتعيش بشعور واحد، وآمال واحدة.
إن الفرد يكتسب من الجماعة بفعل العدد شعورا بقدرة لا تقهر، بينما الفرد وحده يردع غرائزه ويخضعها لعقله، لشعوره بالمسئولية.
إن الفرد وسط الجماعة يذعن لغرائزه طوعا؛ نظرا لزوال الشعور بالمسئولية ما دامت الجماعة غفلا، وغير مسئولة.
إن الفرد في الجماع تسري إليه بالعدوى المشاعر الجماعية، بطريقة لم يتوصل إلى تفسيرها، وإن كانت موجودة، وتسهل ملاحظتها، وانتقال شعور الجماعة إلى الفرد بالعدوى يُسَهِّل للفرد أن يضحي بمصالحه الشخصية في سبيل الجماعة العامة،