للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في قوله تعالى: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} ١، والنبي صلى الله عليه وسلم لا يستغفر لكافر، بدليل قوله تعالى: {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ} ٢، وبذلك تكون الآية صريحة في إيمان والد "نوح" وهو "سام"؛ لأنه لو لم يكن مؤمنا لما دعا له، وأيضا فإن دعوة نوح لأبيه كانت بعد الطوفان، ولم ينجُ من الطوفان إلا المؤمنون.

هذا عن الفترة من آدم إلى نوح عليهما السلام..

أما ما بعد نوح عليه السلام، فقد روى ابن عباس أن نوحا عليه السلام لما أهبط ومن معه من السفينة هبطوا إلى قرية، فبنى كل رجل منهم بيتا، فسميت القرية سوق الثمانين نسبة لعدد الناجين، فلما ضاقت بهم القرية تحولوا إلى بابل فبنوها، ولم يزالوا على الإسلام وهم ببابل، أما من كفر فقد غرق وهلك، يؤيد ذلك قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ} ٣، ومفهوم الآية يوضح أن ذرية من كفروا غرقوا بغرق أبائهم، ولم يبقَ إلا المؤمنون الموحدون، كما يفيده ضمير الفصل الموجود في الآية.

وقيل: إن المؤمنين مع نوح كانت لهم ذرية مؤمنة نجت من الناجين إلا أنها ماتت بأجلها، ولم يبقَ إلا أبناء نوح.

وقيل: إن المؤمنين من ذرية الآخرين تلحق بذرية نوح في البقاء بسبب إيمانهم٤.


١ سورة نوح آية ٢٨.
٢ سورة التوبة آية ١١٤.
٣ سورة الصافات آية ٧٧.
٤ فتح القدير ج٤ ص٤٠٠.

<<  <   >  >>