للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واستمر إيمان آباء النبي صلى الله عليه وسلم من نوح إلى إبراهيم عليهم السلام، غير أن ما ورد عن والد نبي الله إبراهيم عليه السلام "آزر" يتعارض مع هذا؛ حيث يقول الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} ١، ويقول سبحانه: {يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا} ٢، وفي هذه الآيات تصريح واضح بكفر أب إبراهيم عليه السلام، وقد رد العلماء هذا التعارض بأن إبراهيم عليه السلام كان يخاطب عمه "آزر"، أما والده فو "تارح"، واللغة العربية تطلق اسم الأب على العم؛ ولهذا يقول الله تعالى: {أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ} ٣، فأطلق سبحانه على إسماعيل اسم الأب ليعقوب عليه السلام مع أنه كان عمه.

وبعد نجاة إبراهيم عليه السلام من النار أمره الله تعالى بأن يهاجر إلى بلاد الشام فهاجر حيث أمره الله تعالى، وأخذ معه المؤمنين، وكانوا ثلاثة، هم: زوجته سارة وابن خالته لوط وأبوه تارح٤، ولو كان أبوه مشركا ما اصطحبه معه في رحلة الهجرة من موطنه إلى بلاد الشام.. وأيضا فلقد دعا إبراهيم عليه السلام لأبيه بعد هلاك عمه بمدة طويلة، ولو كان مشركا ما دعا له، يقول الله تعالى على لسان إبراهيم عليه السلام: {رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَاب} ٥.


١ سورة الأنعام آية ٧٤.
٢ سورة مريم آية ٤٢.
٣ سورة البقرة آية ١٣٣.
٤ الكامل لابن الأثير ج١ ص٩٦.
٥ سورة إبراهيم آية ٤١.

<<  <   >  >>