للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما آباء النبي محمد صلى الله عليه وسلم بعد إبراهيم فهم على النحو المذكور لسائر الآباء، يقول الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ، إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ، وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ، بَلْ مَتَّعْتُ هَؤُلاءِ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى جَاءَهُمُ الْحَقُّ وَرَسُولٌ مُبِينٌ} ١.

فقد أخبر الله تعالى بأنه بقدرته سبحانه وتعالى جعل كلمة الهدى والتوحيد باقية، متنقلة في عقب إبراهيم عليه السلام تنتقل من واحد إلى مَن بعده في عقبه، والعقب: أبناء الرجل الذكور دون الإناث.

يقول المفسرون: الكلمة هي شهادة التوحيد، جعلها الله مستمرة في ذرية إبراهيم عليه السلام، يعقب كل جيل ما سبقه، بحيث لا يزال في ذريته من ينطق ويؤمن بها.

ويقول تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ} ٢ وقد دعا إبراهيم عليه السلام في الآية بدعوتين:

أحدهما: أن يجعل مكة بلدا آمنا في المقام والمعاش.

والثانية: أن يجنبه وبنيه وذريته عبادة الأصنام، وقد استجاب الله له، فأكرم مكة بجعلها حرما آمنا، ورزق أهلها ثمرات كل شيء، كما استجاب الله سبحانه الدعوة الثانية لإبراهيم في أولاده فنجاهم من عبادة الأصنام وجعل النبوة والكتاب فيهم خاصة.

وقد جاءت أحاديث مسندة تفصل ما جاء في الآيات:

يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تسبوا مضر؛ فإنه كان قد أسلم" ٣.

ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تسبوا مضر؛ ولا ربيعة فإنهما كانا مؤمنين" ٤.


١ سورة الزخرف الآيات ٢٦-٢٩.
٢ سورة إبراهيم آية ٣٥.
٣ طبقات ابن سعد ج١ ص٥٨.
٤ الروض الأنف ج١ ص١٠.

<<  <   >  >>