للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثمَّ صنف سُفْيَان بن عُيَيْنَة وَمَالك بن أنس بِالْمَدِينَةِ المنورة وَعبد الله بن وهب بِمصْر وَمعمر وَعبد الرَّزَّاق بِالْيمن وسُفْيَان الثَّوْريّ وَمُحَمّد بن فُضَيْل بن غَزوَان بِالْكُوفَةِ وَحَمَّاد بن سَلمَة وروح بن عبَادَة بالبصبرة وهشيم بواسط وَعبد الله بن مبارك بخراسان وَكَانَ مطمح نظرهم بالتدوين ضبط معاقد الْقُرْآن والْحَدِيث ومعانيهما ثمَّ دونوا فِيمَا هُوَ كالوسيلة إِلَيْهِمَا وَلما اتَّسع ملك الْملَّة الاسلامية ودرست عُلُوم الْأَوَّلين بنبوتها وكتابها صيروا علومهم الشَّرْعِيَّة صناعَة بعد أَن كَانَت نقلا فَحدثت فِيهِ الملكات وتشوقوا إِلَى عُلُوم الْأُمَم فنقلوها بالمترجمة إِلَى علومهم وبعيت تِلْكَ الْكتب والدفاتر الَّتِي بلغتهم الأعجمية نسيا منسيا وأصبحت الْعُلُوم كلهَا بلغَة الْعَرَب وَاحْتَاجَ القائمون بِالْعلمِ إِلَى معرفَة الدلالات اللفظية والخطية فِي لسانهم دون مَا سواهُ من الألسن لدروسها وَذَهَاب الْعِنَايَة بهَا

ولأول من عني بعلوم الْأَوَائِل الْخَلِيفَة الثَّانِي أَبُو جَعْفَر الْمَنْصُور ثمَّ لما أفضت الْخلَافَة إِلَى السَّابِع عبد الله الْمَأْمُون بن الرشيد تمم مَا بَدَأَ بِهِ جده فَأقبل على طلب الْعلم فِي موَاضعه واستخراجه من معادنه فداخل مُلُوك الرّوم وسألهم وصلَة مَا لديهم من كتب الفلاسفة فبعثوا إِلَيْهِ مِنْهَا بِمَا حضرهم من كتب الْحُكَمَاء وأحضر لَهَا مهرَة المترجمين فترجموا لَهُ على غَايَة مَا أمكن فنفقت لَهُ سوق الْعلم وَقَامَت دولة الْحِكْمَة فِي عصره

<<  <   >  >>