للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والتحري فِي الرِّوَايَة وتلخيص الطّرق واختصارها وَضبط طرقها وانتشارها علم أَنه إِمَام لَا يسْبق وَفَارِس لَا يلْحق

قَالَ النَّوَوِيّ صنف مُسلم فِي علم الحَدِيث كتبا كَثِيرَة مِنْهَا هَذَا الْكتاب الصَّحِيح وَهُوَ فِي نِهَايَة الشُّهْرَة وَهُوَ متواتر عَنهُ من حَيْثُ الْجُمْلَة فالعلم الْقطع حَاصِل بِأَنَّهُ تصنيف مُسلم وَمن حَيْثُ الرِّوَايَة بِالْإِسْنَادِ الْمُتَّصِل بِمُسلم وَقد تفرد بفائدة حَسَنَة وَهِي كَونه أسهل متْنا وَلَا من حَيْثُ أَنه جعل لكل حَدِيث موضعا وَاحِدًا يَلِيق بِهِ جمع فِيهِ طرقه الَّتِي ارتضاها فَاخْتَارَ ذكرهَا وَأورد فِيهِ أسانيده المتعددة وَأَلْفَاظه الْمُخْتَلفَة فيسهل على الطَّالِب النّظر فِي وجوهه واستثمارها وَيحصل لَهُ الثِّقَة بِجَمِيعِ مَا أوردهُ مُسلم من طرقه بِخِلَاف البُخَارِيّ انْتهى وَلَقَد أنصف الْحَافِظ عبد الرَّحْمَن بن عَليّ الديبع اليمني الشَّافِعِي فِي قَوْله نظم

(إِن صَحِيح مُسلم يَا قاري ... لبحر علم مَا لَهُ مجاري)

(سلسال مَا سلسل من حَدِيثه ... ألذ من مُكَرر البُخَارِيّ)

قَالَ ابْن الصّلاح شَرط مُسلم فِي صَحِيحه أَن يكون الحَدِيث مُتَّصِل الْإِسْنَاد بِنَقْل الثِّقَة عَن الثِّقَة من أَوله إِلَى منتهاه سالما من الشذوذ وَالْعلَّة قَالَ السُّيُوطِيّ فِي الديباج وَالْمرَاد الثِّقَة عِنْده وَإِن كَانَ غير ثِقَة عِنْد غَيره وَلِهَذَا أخرج لستمائة وَخَمْسَة وَعشْرين شَيخا لم يحْتَج بهم البُخَارِيّ كَمَا أخرج البُخَارِيّ لأربعمائة وَأَرْبَعَة وَثَلَاثِينَ شَيخا لم يحْتَج بهم مُسلم انْتهى فكم من حَدِيث صَحِيح على شَرط مُسلم وَلَيْسَ بِصَحِيح على شَرط البُخَارِيّ لكَون الروَاة عِنْده مِمَّن اجْتمعت فيهم الشُّرُوط الْمُعْتَبرَة وَلم يثبت عِنْد البُخَارِيّ ذَلِك ثمَّ إِنَّه سلك فِي كِتَابه طَريقَة حَسَنَة بِحَيْثُ فضل بِسَبَبِهَا على صَحِيح البُخَارِيّ وَذَلِكَ أَنه يجمع الْمُتُون كلهَا بطرقها فِي مَوضِع وَاحِد وَلَا يفرقها فِي الْأَبْوَاب ويسوقها تَامَّة وَلَا يقطعهَا فِي التراجم ويحافظ على الْإِتْيَان بلفظها وَلَا يروي بِالْمَعْنَى حَتَّى إِذا خَالف راو فِي لَفْظَة فرواها بِلَفْظ آخر مرادف بَينه وَكَذَا إِذا قَالَ راو حَدثنَا وَقَالَ آخر أخبرنَا وَلم يخلط مَعهَا شَيْء من أَقْوَال الصَّحَابَة وَمن بعدهمْ حَتَّى وَلَا الْأَبْوَاب والتراجم

<<  <   >  >>