فظهر أن كلا من اليهود والنصارى والمسلمين ينتظر مسيحا في آخر الزمان: فمسيح اليهود هو الأعور الدجال كما سلف. ومسيح النصارى لا حقيقة له؛ لأنه عندهم إله تام من إله تام من جوهر أبيه. ينزل في آخر الزمان ليدين الناس يوم القيامة. وكانوا يظنون أن هذا سيكون قبل موت جميع الحواريين. بل إن بعضهم ليشهد ذلك. ولكن مات الحواريون ومضى على ميلاده قرابة ألفي عام، ولم يأت في ملكوته ليدين الناس. أما المسيح الذي يؤمن به المسلمون، فهو عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول وروح منه ليس غير. وقد صح في الأخبار عن سيد الأبرار -صلى الله عليه وسلم- أنه ينزل على المنارة البيضاء شرقي دمشق على جناحي ملكين، فيقتل مسيح الضلالة على بضع عشرة خطوة من باب لد، ويظهر دين الله وتوحيده، ويقتل أعداءه الذين رموه وأمه بالعظائم، وأعداءه الذين اتخذوه وأمه إلهين من دون الله. وتعود الملل في زمنه ملة واحدة، ألا وهي دين الإسلام ملة إبراهيم وسائر الأنبياء -عليهم السلام- وقد أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- عن حاله وقت نزوله، وعن ملبسه الذي عليه، وأخبر بما يفعله بعد نزوله بالتفصيل. وأوصى من أدركه من أمته أن يقرأ عليه السلام منه. ومما ورد في ذلك ما يلي: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما مقسطا، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد". ثم يقول أبو هريرة رضي الله عنه: اقرءوا إن شئتم: {وَإِنْ مِنْ =