ومن معجزاته الباقية إلى اليوم القرآن الكريم، بل هو معجزته الكبرى العلمية والعقلية؛ فهو كلام الله القديم، نزل به الروح الأمين على قلب محمد -صلى الله عليه وسلم- ليكون من المنذرين، بلسان عربي مبين، المنقول بالتواتر، المتعبد بتلاوته، المتحدَّى بأقصر سورة من سوره. عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من الأنبياء نبي إلا أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر. وإنما كان الذي أوتيته وحيا أوحاه الله إلي. فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة" رواه البخاري ومسلم. ووجوه إعجاز القرآن الكريم كثيرة متنوعة أهمها ما يلي: ١ - الإعجاز اللغوي: فقد جاء القرآن في الدرجة العالية من الفصاحة والبلاغة التي لم يعهد مثلها في تراكيب العرب. عرفها فصحاؤهم بسليقتهم فتقاصرت عنها درجة بلاغتهم. وهذه المعجزة ظاهرة أيضا في هذا الزمان لأهل اللسان وماهري علم البيان. ومن كان أعرف بلغة العرب وفنون بلاغتها وأساليبها كان أعرف بإعجاز القرآن. تحدى العرب الذين هم الغاية في الفصاحة مرة بعد مرة فعجزوا عن معاوضته: أما تحديهم به، فقد تواترت الآيات والأخبار الدالة على ذلك؛ كقوله تعالى: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} [الإسراء: ٨٨]. وأما عجزهم، فلأن الدواعي كانت متوفرة على الإتيان =