فكانوا يعقدون لذلك الندوات ويقومون في الأسواق العامة والمواسم السنوية بخطبهم وشعرهم، يتحدى بعضهم بعضا ويتحاكمون إلى كبرائهم. حتى إنهم علقوا القصائد السبع أو العشر بباب الكعبة تحديدا لمعارضتها. وإذا كانت معارضة القرآن الكريم مبطلة لأمر محمد -صلى الله عليه وسلم- ودعوته، فما الذي صرفهم جميعا عن هذا التحدي القاسي؟ حتى رأوا أن سبيل الحرب والدماء أيسر عليهم من مقابلة تحدي القرآن. ولو أنهم أتوا بالمعارضة لكان اشتهارها أولى من اشتهار القرآن نفسه؛ لأن القرآن يصير حينئذ كالشبهة، وتكون تلك المعارضة كالحجة المسقطة أُبهة المدعى. ٢ - الإعجاز المعنوي: إن القرآن الكريم كتاب مشتمل على أنواع كثيرة في العلوم؛ فقد جمع علومًا كلية ومعارف جزئية، كما نبه على طرق الحجج العقلية بشكل لم يعهد في علم الشرائع قبله. والعلوم نوعان: دينية وغير دينية. والدينية تشمل علم العقائد وعلم الأعمال: فعلم العقائد أخبر فيه عن الله سبحانه وأسمائه وصفاته وملائكته وكتبه ورسله وعن المعاد في اليوم الآخر والحساب والجنة والنار وغير ذلك. فليس في غيره من الكتب السماوية المتقدمة من خبر عن ذلك إلا وقد زاده بيانا وتفصيلا، وأتى به على أكمل وجه من دلائل وتفاريع وتفاصيل. بل قد أخبر عن أمور لا وجود لها في غيره من الكتب. وعلم الأعمال هو علم التكاليف المتعلقة بالظاهر والباطن وغير =