للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

بالأدوية، ويوهمهم أن الانتفاع الْمُنال حصل لهم بدعائه.

وأنه أبرأ جماعة من المرضى من أسقامهم يوم السبت، فأنكرت عليه اليهود ذلك. فقال لهم: أخبروني عن الشاة من الغنم: إن وقعت في البئر يوم السبت، أما تنزلون إليها، وتحلون السبت لتخليصها؟ قالوا: بلى. قال: فلماذا أحللتم السبت لتخليص الغنم، ولا تحلونه لتخليص الإنسان الذي هو أكبر حرمة من الغنم؟ فأفحمهم، ولم يؤمنوا.

وأيضا، فإنهم يحكون عنه أنه كان مع جماعة من تلاميذه في جبل، ولم يحضرهم الطعام. فأذن لهم في تناول الحشيش يوم السبت، فقال لهم: أرأيتم لو أن أحدكم كان وحيدا مع قوم على غير ملته، وأمروه بقطع النبات في يوم السبت وإلقائه لدوابهم، ألستم تجيزون له قطع النبات؟ قالوا: بلى. قال: فإن هؤلاء القوم أمرتهم بقطع النبات ليأكلوه؛ لينقذوا أنفسهم، لا للطعن في أمر السبت.

كل ذلك ملاطفة منه لعقولهم التي لا ينطبع فيها النسخ. ولئن كان ما يحكونه من ذلك صحيحا، فلعله كان في ابتداء أمر المسيح عليه السلام١.


١ جاء في إنجيل يوحنا ٥/ ١٦: فأخذ اليهود يضطهدون يسوع، ويطلبون أن يقتلوه؛ لأنه كان يفعل ذلك يوم السبت. وانظر متن ١٢/ ١ - ١٢.
ويظهر -والله أعلم- أن المسيح -عليه السلام- إنما أنكر على اليهود الغلو والتشدد في أمر السبت، ولم ينكر عليهم تعظيمه. لكن بولس ومَن لف لفه هم الذين أسقطوا تعظيمه وغيروا وبدلوا.
جاء في رسالة بولس إلى أهل كولوسي ٢/ ١٦: لا يحكم عليكم أحد في المأكول والمشروب، أو في الأعياد والأهلة والسبوت.
٢/ ١٧: فما هذه كلها إلا ظل الأمور المستقبلة. أما الحقيقة فهي في المسيح.
وذكر الشيخ الهندي -رحمه الله- في إظهار الحق ص٣٠٦ أنه جاء في تفسير "دوالي ورجر دمينت" في شرح هذه الجملة ما يلي: قال بركت والدكتور وت بي: "كانت -أي الأعياد- في اليهود على ثلاثة أقسام: في كل سنة سنة، وفي كل شهر شهر، وفي كل أسبوع أسبوع. فنسخت هذه كلها، بل يوم السبت أيضًا، وأقيم سبت المسيحيين مقامه".
وقال بِشُب هارسلي: "زال سبت كنيسة اليهود، وماشى المسيحيون في عمل سبتهم على رسوم طفولية الفريسيين". اهـ.

<<  <   >  >>