وإنما أبقوا حرمة هذه الأربعة لئلا ينفروا اليهود الذين دخلوا في النصرانية، وكانوا يحبون أحكام التوراة ورسومها. ثم لما رأى بولس أن هذه الرعاية ليست ضرورية أيضا، نسخ حرمة الثلاثة الأولى بفتوى الإباحة العامة كما سلف. ومن ثم لم يبقَ من أحاكم التوراة سوى تحريم الزنى. ولما لم يكن في الزنى حد في شريعة النصارى، فهو أيضا منسوخ من هذا الوجه. وهكذا حصل الفراغ في شريعة النصارى بعد أن نسخوا جميع الأحكام العملية التي كانت في الشريعة الموسوية، سواء كانت أبدية أو غير أبدية. فأحكام الذبائح كانت كثيرة وأبدية في شريعة موسى -عليه السلام- وكذلك الأحكام المختصة بآل هارون من الكهانة واللباس وقت الحضور للخدمة الدينية وفي غير ذلك، كانت أبدية، وقد نسخت كلها لدى النصارى. ونحن المسلمين نعتقد أن المسيح -عليه السلام- نسخ بعض الأحكام التي كانت مقررة لدى اليهود. ولكن إنما نريد سلامة النقل وصحته. وظهر من الأمثلة السابقة جميعها ما يلي: ١ - أن نسخ بعض الأحكام في شريعة سابقة بشريعة لاحقة لم تنفرد به شريعة محمد -صلى الله عليه وسلم- بل كان معروفا في الشرائع السابقة. ٢ - أن كثيرا من الأحكام العملية في التوراة نسخت ببعثة المسيح -عليه السلام- بل إن بولس صرح بنسخ جميع الأحكام سواء كانت أبدية أو غير أبدية. ٣ - إنما يقع الإشكال في نسخ الأحكام التي صرح فيها بأنها أبدية، أو يجب رعايتها طبقة بعد طبقة. مما يدل على وقوع الدس والحذف والتحريف. ٤ - من العجيب أن أهل الكتاب من يهود ونصارى يعيبون على =