عنه- فتنازل لمعاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنهما- وهو قرشي من بني أمية. وبذلك بدأ العصر الأموي. أما قبل ذلك فهو عصر الخلفاء الراشدين المهديين.
ومن اليهود الذين اعتنقوا الإسلام مؤلف كتابنا هذا الحكيم المحقق السموءل بن يحيى بن عباس المغربي الأندلسي المتوفَّى عام ٥٧٠هـ-١١٧٤م. كنيته أبو نصر. كان من أعاظم اليهود قبل إسلامه. وهو طبيب رياضي مشارك في بعض العلوم. قدم مع أبيه إلى بلاد المشرق. كان أبوه ينشد المال شأن كل يهودي، أما هو فكان يحب العلم ويطلبه بشغف ومثابرة. سكن في بغداد مدة، ثم انتقل إلى أذربيجان في بلاد العجم، وأقام في مراغة، ولم يزل بها إلى آخر عمره.
أتقن كثيرًا من العلوم والفنون وتبحر فيها، كالرياضيات والطب والحكمة والتاريخ وغير ذلك، وصنف في ذلك مصنفات منها ما يلي: المفيد الأوسط في الطب، إعجاز المهندسين، المنبر في مساحة أجسام الجواهر المختلفة لاستخراج مقدار مجهولها، رسالة إلى أبي خدود في مسائل حسابية، نزهة الأصحاب في معاشرة الأحباب، وغير ذلك.
وكتابه هذا "بذل المجهود في إفحام اليهود" يدل على واسع علمه وكثرة خبرته؛ فقد أظهر في أثناء مناقشاته لعقائد اليهود وتحليله لنصوص التوراة أوهام الأحبار وضلالاتهم والأسرار التي تنطوي عليها نفوسهم، وكشف أخطاءهم ومغالطاتهم، وفضح طرقهم الملتوية وحيلهم الماكرة. ولا عجب في ذلك، فقد كان قبل إسلامه من أعاظم أحبار اليهود؛ ولذلك استطاع بما وصل إليه من علم بالتوراة وسعة اطلاع على الكتب -متونا وشروحا- أن يفحم علماء عصره من اليهود، ولا يزال هذا الإفحام يتحدى أحبارهم حتى يومنا هذا. وهو يتبع في ذلك طريقة "الفناقلة" فيورد السؤال، ويتصور جوابه وما يمكن أن يستدرك عليه، ثم يرد على ذلك كله ويجيب عنه سادًّا الأبواب كلها على خصمه، ومُحكِّمًا القارئ في ذلك: نقول لهم ... فإن قالوا ....