قلنا ... وهو يورد نصوص التوراة باللغة العبرية، ثم يفسرها بالعربية من غير أن يشير إلى مكانها في التوراة وسائر كتب الأنبياء غالبا، وإذا ذكر ذلك في بعض الأحيان، فإنما يذكر السِّفْر أو رقمه دون أن يحدد المكان.
ولذلك قمت بتخريج هذه النصوص من خلال الكتب التالية: الكتاب المقدس الصادر عن دار الكتاب المقدس في الشرق الأوسط عام ١٩٨٤م، والكتاب المقدس الصادر عن جمعيات الكتاب المقدس المتحدة عام ١٩٦٦م، وكلاهما من ترجمة البروتستانت، والكتاب المقدس الصادر عن دار المشرق ببيروت عام ١٩٨٣م وهو من ترجمة الكاثوليك، وفي آخره حواشٍ وتعليقات على بعض فصوله، والتوراة السامرية التي قدم لها وعلق عليها الدكتور/ أحمد حجازي.
وقد اعتمدت ترجمة البروتستانت؛ لأنهم إنما يعترفون بالتوراة العبرانية دون الترجمة اللاتينية وغيرها، ثم إنهم لم يغيروا نصوص ترجمتهم، فالطبعات القديمة والحديثة نصوصها واحدة؛ وبذلك كانت توراتهم أقرب إلى توراة اليهود الذين نحن بصددهم، بخلاف غيرهم، فإنك تجد الفوارق الشاسعة في أمور حساسة بين طبعة وأخرى. وقمت أيضا بالتعليق على النصوص والأفكار والبشارات التي يوردها موضحا لها وزائدا في أدلتها؛ لتقوم الحجة وتكتمل الفكرة. ومما دفعني إلى ذلك أن الكتاب قد أفاد منه واستشهد بنصوصه كثير من العلماء والباحثين الذين اشتغلوا بمناظرة أهل الكتاب أو مقارنة الأديان قديما وحديثا، وعلى رأسهم ابن القيم -رحمه الله- في كتابه "هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى". وقد أضفت إليه بعض العناوين وجعلتها بين هاتين الإشارتين [].
ولنستمع الآن إلى المؤلف -رحمه الله- يحدثنا عن نفسه فيقول: إن أبي كان يقال له: الرآب يهوذا بن آبون من مدينة فاس بأقصى المغرب. والرآب لقب تفسيره: الحبر. وكان أعلم أهل زمانه بعلوم التوراة، وأقدرهم على التوسع في ارتجال منظوم العبراني ومنثوره. وكان اسمه المدعو به بين أهل العربية أبا البقاء بن يحيى بن عباس المغربي؛ وذلك أن كثيرًا من