وقوله في الفقرة ١٩: "ويكون الإنسان الذي لا يسمع لكلامي الذي يتكلم به باسمي أنا أطالبه". وفي بعض الترجمات: "فأنا أكون المنقم منه" يدل على أن من يكفر بهذا النبي ويعاديه فإن الله سيكون هو المنتقم منه بطريقة من الطرق في الدنيا والآخرة. وقوله في الفقرة ٢٠: "وأما النبي الذي يطغى ... فيموت ذلك النبي". وفي السامرية: "فليقتل ذلك النبي" يدل على أن المتنبئ الكاذب ستكون نهايته القتل. والمسيح في زعم أهل الكتاب قتل وصلب، فلو كانت هذه البشارة في حقه كما يزعم النصارى للزم أن يكون متنبئا كاذبا. إظهار الحق ٢/ ٢٤٥. أما محمد -صلى الله عليه وسلم- فلم يستطع أحد قتله رغم كثرة المحاولات من قريش ثم من يهود والمنافقين وسائر المشركين في السفر والحضر. بل عصمه الله من الناس. وقد ادعى النبوة في زمنه وبعده ناس كثيرون، وكانت نهايتهم القتل؛ مثل: مسيلمة الحنفي والأسود العنسي وسجاح وطليحة وغيرهم. جاء في الفقرة ٢٢: "فما تكلم به النبي باسم الرب ولم يحدث ولم يصر، فهو الكلام الذي لم يتكلم به الرب. بل بطغيان تكلم به النبي فلا تخف منه". وهذه علامة تميز النبي الصادق من المتنبئ الكاذب، فالنبي المبشر به سيتحدث عن الغيب الماضي والحاضر والمستقبل، فإذا وقع الأمر كما أخبر فهو الصادق، وإلا فهو الكاذب فعاده ولا تخف منه؛ لأنه سيخفق وتكون نهايته القتل. ومحمد -صلى الله عليه وسلم- تحدث عن الغيب الماضي والحاضر في زمنه مما غاب عنه، وعن المستقبل، فكانت أخباره كلها صادقة، ولا سيما أخباره عن المستقبل، فمنها ما وقع ورآه الصحابة أو التابعون أو من تبعهم بإحسان بعد موته، ومنها ما لا يزال المسلمون إلى اليوم ينتظرون وقوعه مثل فتح روما وانتصار المسلمين على اليهود ومطاردتهم وتتبعهم.