كتاب جليل الْقدر وَهَذَا اشتقاق بعيد لَوْلَا أَن الرِّوَايَة جَاءَت بِهِ
وَقَالَ قدامَة بن جَعْفَر فِي كتاب الْخراج تَارِيخ كل شَيْء آخِره وَهُوَ فِي الْوَقْت غَايَته يُقَال فلَان تَارِيخ قومه أَي إِلَيْهِ يَنْتَهِي شرفهم وَيُقَال ورخت الْكتاب توريخا وأرخته تَارِيخا اللُّغَة الأولى لتميم وَالثَّانيَِة لقيس
وَلكُل أهل مِلَّة تَارِيخ فَكَانَت الْأُمَم تؤرخ أَولا بتاريخ الخليقة وَهُوَ ابْتِدَاء كَون النَّسْل من آدم عَلَيْهِ السَّلَام ثمَّ أرخت بالطوفان وأرهت ببخت نصر وأرخت بفليبس وأرخت بالإسكندر ثمَّ باغشطش ثمَّ بالظينس ثمَّ بدقلطيانوس وَبِه تؤرخ القبط ثمَّ لم يكن بعد تَارِيخ القبط إِلَّا تَارِيخ الْهِجْرَة ثمَّ تَارِيخ يزدجرد فَهَذِهِ تواريخ الْأُمَم الْمَشْهُورَة وَلِلنَّاسِ تواريخ أُخْرَى قد انْقَطع ذكرهَا
فَأَما تَارِيخ الخليقة
وَيُقَال لَهُ ابْتِدَاء كَون النَّسْل وَبَعْضهمْ يَقُول بَدْء التحرك فَإِن لأهل الْكتاب من الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوس فِي كيفيته وسياقة التَّارِيخ مِنْهُ خلافًا كثيرا قَالَ الْمَجُوس وَالْفرس عمر الْعَالم اثْنَا عشر ألف عَام على عدد بروج الْفلك وشهور السّنة وَزَعَمُوا أَن زرادشت صَاحب شريعتهم قَالَ أَن الْمَاضِي من الدُّنْيَا إِلَى وَقت ظُهُوره ثَلَاثَة آلَاف سنة مكبة سة الأرباع وَبَين ظُهُور زرادشت وَأول تَارِيخ الْإِسْكَنْدَر ثَلَاثَة آلَاف وَمِائَتَا سنة وثمان وَخَمْسُونَ سنة
وَإِذا حَسبنَا من أول يَوْم كيومرت الَّذِي هُوَ عِنْدهم الْإِنْسَان الأول وجمعنا مُدَّة كل من ملك بعده فَإِن الْملك ملصق فيهم غير مُنْقَطع عَنْهُم كَانَ الْعدَد مِنْهُ إِلَى الْإِسْكَنْدَر ثَلَاثَة آلَاف وثلاثمائة وأربعا وَخمسين سنة فَإِذا لم يتَّفق التَّفْصِيل مَعَ الْجُمْلَة قَالَ قوم الثَّلَاثَة الآلاف الْمَاضِيَة إِنَّمَا هِيَ من خلق كيومرت فَإِنَّهُ مضى قبله ألف سنة والفلك فِيهَا وَاقِف غير متحرك والطبائع غير مستحيلة والأمهات غير متمازجة والكون وَالْفساد غير