للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الخصوصية الرابعة: قراءة ألم تنزيل وهل أتى على الإنسان في صبحها]

١٢- أخرج الشيخان عن أبي هريرة، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ يوم الجمعة في صلاة الفجر ألم تنزيل السجدة، وهل أتى على الإنسان.


١٢- البخاري ٢/ ٥.
- مسلم الجمعة ٦٤، ٦٥.
قال ابن حجر في فتح الباري ٢/ ٣١٨، وفيه دليل على استحباب قراءة هاتين السورتين في هذه الصلاة من هذا اليوم لما تشعر الصيغة به من مواظبته صلى الله عليه وسلم على ذلك، أو إكثاره منه.
بل ورد حديث ابن مسعود التصريح بمداومته صلى الله عليه وسلم على ذلك أخرجه الطبراني، ولفظه يديم ذلك، وأصله في ابن ماجه بدون هذه الزيادة ورجاله ثقات لكن صوب أبو حاتم إرساله.
وكأن ابن دقيق العيد لم يقف عليه، فقال في الكلام على حديث الباب: ليس في الحديث ما يقتضي فعل ذلك دائما اقتضاء قويا.
وهو كما قال بالنسبة لحديث الباب، فإن الصيغة ليست نصا في المداومة لكن الزيادة التي ذكرناها نص في ذلك، وقد أشار أبو الوليد الباجي في رجال البخاري إلى الطعن في سعد بن إبراهيم لروايته هذا الحديث، وأن مالكا امتنع من الرواية عنه لأجله، وأن الناس تركوا العمل به لا سيما أهل المدينة. ا. هـ.
وليس كما قال، فإن سعدا لم ينفرد به مطلقا، فقد أخرجه مسلم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس مثله، وكذا ابن ماجه والطبراني من حديث ابن مسعود وابن ماجه من حديث سعد بن أبي وقاص، والطبراني في الأوسط من حديث علي.
وأما دعواه أن الناس تركوا العمل به فباطلة؛ لأن أكثر أهل العلم من الصحابة والتابعين قد قالوا به، كما نقله ابن المنذر وغيره، حتى إنه ثابت عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، والد سعد وهو من كبار التابعين من أهل المدينة أنه أم الناس بالمدينة بهما في الفجر يوم الجمعة أخرجه ابن أبي شيبة بإسناد صحيح، وكلام ابن العربي يشعر بأن ترك ذلك أمر طرأ على أهل المدينة؛ لأنه قال: وهو أمر لا يعلم بالمدينة، فالله أعلم بمن قطعه كما قطع غيره.
وقد اختلف تعليل المالكية بكراهة قراءة السجدة في الصلاة، فقيل: لكونها تشتمل على زيادة سجود في الفرض.
قال القرطبي: وهو تعليل فاسد بشهادة هذا الحديث.
وقيل: لخشية التخليط على المصلين ومن ثم فرق بعضهم بين الجهرية والسرية؛ لأن الجهرية يؤمن معها التخليط.
لكن صح من حديث ابن عمر أنه صلى الله عليه وسلم قرأ سورة فيها سجدة في صلاة الظهر، فسجد بها أخرجه أبو داود والحاكم، فبطلت التفرقة.
قلت: وفي تصحيح هذا الحديث نظر، حيث قال المحقق في فتح الباري ما نصه: والصواب أنه ضعيف؛ لأن في إسناده عند أبي داود رجلا مجهولا يدعى أمية كما نص على ذلك أبو داود في رواية الرملي عنه، ونبه عليه الشوكاني في نيل الأوطار، والله أعلم. =

<<  <   >  >>