به في سنن أبي داود من حديث على رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه:"إذا كان يوم الجمعة غدت الشياطين براياتها إلى الأسواق، فيرمون الناس بالترابيث، أو الربائث، ويثبطونهم عن الجمعة، وتغدو الملائكة فتجلس على أبواب المساجد، فيكتبون الرحل من ساعة، والرجل من ساعتين حتى يخرج الإمام"، قال عمر بن عبد البر: اختلف أهل العلم في تلك الساعات، فقالت طائفة منهم: أراد الساعات من طلوع الشمس وصفائها، والأفضل عندهم التبكير في ذلك الوقت إلى الجمعة، وهو قول الثوري، وأبي حنيفة رحمه الله والشافعي رحمه، وأكثر العلماء يستحب البكور إليها قال الشافعي رحمه الله: ولو بكر إليها بعد الفجر، وقبل طلوع الشمس كان حسنا، وذكر الأثرم قال: قيل لأحمد بن حنبل: كان مالك بن أنس يقول: لا ينبغي التهجير يوم الجمعة باكرا فقال: هذا خلاف حديث النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: سبحان الله إلي أي شيء ذهب في هذا، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول كالمهدي جزووًا قال: وأما مالك رحمه الله، فذكر يحيى بن عمر، عن حرملة أنه سأل ابن وهب عن تفسير هذه الساعات، أهو الغدو من أول ساعات النهار، أو إنما أراد بهذا القول ساعات الرواح، فقال ابن وهب: سألت مالكا عن هذا، فقال: أما الذي يقع بقلبي، فإنه إنما أراد ساعة واحدة تكون فيها هذه الساعات من راح من أول تلك الساعة، أو الثانية أو الثالثة أو الرابعة، أو الخامسة أو السادسة، ولو لم يكن كذلك ما صليت الجمعة حتى يكون النهار تسع ساعات في وقت العصر، أو قريبا من ذلك، وكان ابن حبيب ينكر قول مالك هذا، ويميل إلى القول الأول، وقال: قول مالك هذا تحريف في تأويل الحديث ومحال من وجوه، وقال: يدلك له لا يجوز ساعات في ساعة واحدة أن الشمس إنما تزول في الساعة السادسة من النهار، وهو وقت الأذان، وخروج الإمام إلى الخطبة، فدل ذلك على أن الساعات في هذا الحديث هي ساعات النهار المعروفات، فبدأ بأول ساعات النهار، فقال:"من راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة، ثم قال: في الساعة الخامسة بيضة، ثم انقطع التهجير وحان وقت الأذان"، فشرح الحديث بين في لفظه، ولكنه حرف عن موضعه، وشرح بالخلف من القول وما لا يكون، وزهد شارحه الناس فيما رغبهم