عليه ما دام في مصلاه، وأخبر أن انتظار الصلاة مما يمحو الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات، وأنه الرباط وأخبر أن الله يباهي ملائكته بمن قضى فريضة، وجلس ينتظر أخرى، وهذا يدل على أن من صلى الصبح، ثم جلس ينتظر الجمعة، فهو أفضل ممن يذهب ثم يجيء وقتها، وكون أهل المدينة وغيرهم لا يفعلون ذلك لا يدل على أنه مكروه، فهكذا المجيء إليها، والتبكير في أول النهار، والله أعلم.
الخاصة الخامسة والعشرون: ١ إن للصدقة فيه مزية عليها في سائر الأيام، والصدقة فيه بالنسبة إلى سائر أيام الأسبوع كالصدقة في شهر رمضان بالنسبة إلى سائر الشهور، وشاهدت شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه إذا خرج إلى الجمعة يأخذ ما وجد في البيت من خبز، أو غيره فيتصدق به في طريقه سرًّا، وسمعته يقول: إذا كان الله قد أمرنا بالصدقة بين يدي مناجاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالصدقة بين يدي مناجاته أفضل وأولى بالفضيلة، وقال أحمد بن زهير بن حرب: حدثنا أبي حدثنا جرير، عن منصور عن مجاهد، عن ابن عباس قال: اجتمع أبو هريرة وكعب، فقال أبو هريرة: إن في الجمعة لساعة لا يوافقها رجل مسلم في صلاة يسأل الله عز وجل شيئا إلا آتاه إياه، فقال كعب: أنا أحدثكم عن يوم الجمعة إنه إذا كان يوم الجمعة، فزعت له السماوات والأرض، والبر والبحر والجبال والشجر، والخلائق كلها إلا ابن آدم والشياطين، وحفت الملائكة بأبواب المسجد، فيكتبون من جاء الأول، فالأول حتى يخرج الإمام، فإذا خرج الإمام طووا صحفهم، فمن جاء بعد جاء لحق الله، وما كتب له عمل وحق على كل حالم أن يغتسل يومئذ كاغتساله من الجنابة، والصدقة فيه أعظم من الصدقة في سائر الأيام، ولم تطلع الشمس ولم تغرب على مثل يوم الجمعة، فقال ابن عباس: هذا حديث كعب وأبي هريرة، وأنا أرى إن كان لأهله طيب يمس منه.
الخاصة السادسة والعشرون: إنه يوم يتجلى الله عز وجل فيه لأوليائه.