للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

..................................................................................................


= قوله: "ثم هذا يومهم الذي فرض عليهم".
المراد باليوم يوم الجمعة، والمراد باليوم بفرضه فرض تعظيمه، وأشير إليه بهذا لكونه ذكر أول الكلام كما عند مسلم من طريق آخر، عن أبي هريرة ومن حديث حذيفة قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أضل الله عن الجمعة من كان قبلنا" الحديث. قال ابن بطال: ليس المراد أن يوم الجمعة فرض عليهم بعينه فتركوه؛ لأنه لا يجوز لأحد أن يترك ما فرض الله عليه، وهو مؤمن وإنما يدل، والله أعلم أنه فرض عليهم يوم من الجمعة، وكل إلى اختيارهم ليقيموا فيه شريعتهم، فاختلفوا في أي الأيام هو، ولم يهتدوا ليوم الجمعة، ومال القاضي عياض لهذا، ورشحه بأنه لو كان فرض عليهم بعينه لقيل: فخالفوا به فاختلفوا.
قال النووي: يمكن أن يكونوا أمروا به صريحا، فاختلفوا هل يلزم تعينه أم يسوغ إبداله بيوم آخر، فاجتهدوا في ذلك فأخطأوا، انتهى.
ويشهد له ما رواه الطبري بإسناد صحيح، عن مجاهد في قوله تعالى: {إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ} ، قال: أرادوا الجمعة فأخطأوا، وأخذوا السبت مكانه.
ويحتمل أن يراد بالاختلاف اختلاف اليهود والنصارى في ذلك، وقد روى ابن أبي حاتم من طريق أسباط بن نصر، عن السدي التصريح بأنهم فرض عليهم يوم الجمعة بعينه فأبوا.
ولفظه: "إن الله فرض على اليهود الجمعة، فأبوا وقالوا: يا موسى إن الله لم يخلق يوم السبت شيئا، فاجعله لنا فجعل عليهم"، وليس بعجيب من مخالفتهم كما وقع لهم في قوله تعالى: {ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ} ، وغير ذلك وكيف لا وهم القائلون: {سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا} .
قوله: "فهدانا الله له"، يحتمل أن يراد بأن نص لنا عليه، وأن يراد الهداية إليه بالاجتهاد.
ويشهد للثاني ما رواه عبد الرزاق بإسناد صحيح، عن محمد بن سيرين قال: "جمع أهل المدينة قبل أن يقدمها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقبل أن تنزل الجمعة، فقالت الأنصار: إن لليهود يوما يجتمعون فيه كل سبعة أيام، وللنصارى كذلك، فهلم فلنجعل =

<<  <   >  >>