لَمَّا أَقْبَلَ بِبَصَرِهِ عَلَى ذَلِكَ السَّائِلِ حَتَّى قَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ: لَوَيْتَ عُنُقَ ابْنِ عَمِّكَ فَقَالَ: " إِنِّي رَأَيْتُ شَابًّا وَشَابَّةً، فَلَمْ آمَنَ مِنَ الشَّيْطَانِ عَلَيْهِمَا " وَلَمَّا اسْتَدْلَلْنَا فِي كِتَابِنَا هَذَا أَنَّ السَّبِيلَ إِلَى الْحَجِّ هِيَ الْوُصُولُ إِلَيْهِ، كَانَ مَنْ كَانَ غَيْرَ وَاصِلٍ إِلَى الْحَجِّ مِمَّنْ لَمْ تَلْحَقْهُ فَرِيضَةُ الْحَجِّ بِالْكِتَابِ، وَلَكِنْ لَحِقَتْهُ بِالسُّنَّةِ، فَكَانَ حُكْمُهُ فِي حَجِّ غَيْرِهِ كَحُكْمِهِ فِي حَجِّهِ عَنْ نَفْسِهِ لَوْ كَانَ قَادِرًا عَلَى ذَلِكَ، وَثَبَتَ بِمَا فِي كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ الْحَجُّ عَلَى الْوَاصِلِينَ، وَثَبَتَ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَجُّ عَلَى الْعَاجِزِينَ الْوَاجِدِينَ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُمْ،
وَلَمْ يَعْدُ ذَلِكَ الْمُكَلَّفِينَ الْبَالِغِينَ الْأَصِحَّاءَ الْعُقُولِ الْأَحْرَارَ مِنَ الرِّجَالِ فَأَمَّا النِّسَاءُ فَإِنَّهُنَّ لَا يَكُنَّ وَاجِدَاتٍ لَلسَّبِيلِ إِلَّا بِمَا ذَكَرْنَا وَبِوُجُودِ الْأَزْوَاجِ، أَوْ ذَوِي الْمَحَارِمِ الْمُحَرَّمَاتِ، الَّذِينَ يَخْرُجُونَ مَعَهُنَّ، لِأَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَا رُوِيَ عَنْهُ مَا:
١١٣٠ - قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، سَمِعَ أَبَا مَعْبَدٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " خَطَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ، فَقَالَ: " لَا تُسَافِرُ امْرَأَةٌ إِلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ، وَلَا يَدْخُلُ عَلَيْهَا رَجُلٌ إِلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ "، فَقَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي قَدِ اكْتَتَبْتُ فِي غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ أَرَدْتُ أَنْ أَحُجَّ امْرَأَتِي، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " احْجُجْ مَعَ امْرَأَتِكَ
١١٣١ - " وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ، أَيْضًا، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ الْمَرْأَةَ يَحْرُمُ عَلَيْهَا السَّفَرُ إِلَّا مَعَ زَوْجِهَا أَوْ مَعَ مَنْ سِوَاهُ مِمَّنْ يَكُونُ فِي السَّفَرِ مَعَهَا كَزَوْجِهَا مِنْ ذَوِي أَرْحَامِهَا الْمُحَرَّمَاتِ عَلَيْهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute