وَلَمَّا لَمْ يَسْأَلْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّجُلَ عَنْ ذَلِكَ الْحَجِّ، هَلْ هُوَ فَرِيضَةٌ أَوْ تَطَوُّعٌ، دَلَّ
ذَلِكَ عَلَى اسْتِوَاءِ حُكْمِهَا عِنْدَهُ فِي حَاجَةِ الْمَرْأَةِ إِلَى الزَّوْجِ أَوْ إِلَى ذَوِي الرَّحِمِ الْمُحَرَّمَةِ فِيهِمَا، وَعَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُسَافِرَ إِلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلَّا عَلَى مَا تُسَافِرُ بِهِ إِلَى الْآخَرِ مِنْهُمَا، وَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا عُدِمَتْ ذَلِكَ فَلَيْسَتْ مِنْ مُسْتَطِيعِي السَّبِيلِ غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يُوَقَّتْ لَنَا فِي السَّفَرِ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَقْتًا، وَوَجَدْنَا مَا سِوَاهُ قَدْ ذُكِرَ لَنَا فِيهِ وَقْتٌ، وَقَدْ رُوِّينَا ذَلِكَ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا، وَهُوَ قَوْلُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا تُسَافِرُ امْرَأَةٌ سَفَرًا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَصَاعِدًا إِلَّا وَمَعَهَا زَوْجُهَا أَوِ ابْنُهَا أَوْ أَخُوهَا أَوْ ذُو مَحْرَمٍ مِنْهَا وَوَجَدْنَا فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ جَعَلَ حُرْمَةَ الرَّضَاعَةِ كَحُرْمَةِ الْوِلَادَةِ، وَرُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا:
١١٣٢ - قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ، وَبَحْرٌ، قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَمْرَةَ، أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَتْهَا: " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ عِنْدَهَا، وَأَنَّهَا سَمِعَتْ صَوْتَ رَجُلٍ يَسْتَأْذِنُ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا رَجُلٌ يَسْتَأْذِنُ فِي بَيْتِكَ؟ فَقَالَ: " أَتُرَاهُ فُلَانٌ؟ "، لِعَمِّ حَفْصَةَ مِنَ الرَّضَاعَةِ، قَالَتْ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَوْ كَانَ فُلَانٌ، لِعَمٍّ لَهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ حَيًّا، دَخَلَ عَلَيَّ؟ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " نَعَمْ، إِنَّ الرَّضَاعَةَ تُحَرِّمُ مَا تُحَرِّمُ الْوِلَادَةُ "
١١٣٣ - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، حَدَّثَهُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، أَنَّهَا قَالَتْ: " جَاءَ عَمِّي مِنَ الرَّضَاعَةِ فَاسْتَأْذَنَ عَلَيَّ، فَأَبَيْتُ أَنْ آذَنَ لَهُ حَتَّى أَسْأَلَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: " إِنَّهُ عَمُّكِ فَأْذَنِي لَهُ " قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّمَا أَرْضَعَتْنِي الْمَرْأَةُ، وَلَمْ يُرْضِعْنِي الرَّجُلُ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّهُ عَمُّكِ، فَلْيَلِجْ عَلَيْكِ " قَالَتْ عَائِشَةُ: وَذَلِكَ بَعْدَمَا ضُرِبَ الْحِجَاب ُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute