وَلَمْ نَسْمَعْ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ غَيْرِ هَذِهِ الْجِهَةِ وَيَقُولُ بَعْضُهُمْ: يَخْطُبُ إِحْدَاهُنَّ قَبْلَ التَّرْوِيَةِ ارْتِفَاعَ النَّهَارِ خُطْبَةً وَاحِدَةً لَا يَجْلِسُ فِيهَا، وَيَخْطُبُ إِحْدَاهُنَّ يَوْمَ عَرَفَةَ بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّي الظُّهْرَ، وَيَجْعَلُهَا خُطْبَتَيْنِ، وَيَجْلِسُ بَيْنَهُمَا كَمَا يَفْعَلُ
فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ، وَيَخْطُبُ إِحْدَاهُنَّ يَوْمَ النَّحْرِ حَيْثُ يَرْمِي جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ ضَحْوَةً، خُطْبَةً وَاحِدَةً لَا يَجْلِسُ فِيهَا وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ مِنْهُمْ: زُفَرُ بْنُ الْهُذَيْلِ فِيمَا ذَكَرَهُ لَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، عَنِ الْجُعَفِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ زُفَرَ وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ: هِيَ أَرْبَعُ خُطَبٍ، فَخُطْبَةٌ مِنْهُنَّ يَوْمَ السَّابِعَ مِنْ ذِي الْحَجَّةِ بَعْدَ الظُّهْرِ بِمَكَّةَ يَأْمُرُهُمْ فِيهَا بِالْغُدُوِّ مِنَ الْغَدِ إِلَى مِنًى، وَخُطْبَةٌ أُخْرَى يَوْمَ عَرَفَةَ بَعْدَ الزَّوَالِ، وَخُطْبَةٌ أُخْرَى بَعْدَ الظُّهْرِ يَوْمَ النَّحْرِ، يُعَلِّمُ النَّاسَ فِيهَا النَّحْرَ، وَيُعْلِمُهُمْ أَنَّ مَنْ أَرَادَ التَّعْجِيلَ فَذَلِكَ لَهُ، وَيَأْمُرُهُمْ أَنْ يَخْتِمُوا حَجَّهُمْ بِتَقْوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَطَاعَتِهِ وَاتِّبَاعِ أَمْرِهِ وَمَنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمُ الشَّافِعِيُّ، ذَكَرَهُ لَنَا عَنْهُ الْمُزَنِيُّ وَلَا نَعْلَمُ لِأَهْلِ الْعِلْمِ فِي الْخُطَبِ فِي الْحَجِّ قَوْلًا إِلَّا هَذِهِ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا عَنْهُمْ فَأَمَّا الْخُطْبَةُ الْأُولَى، وَهِيَ الْمُخْتَلَفُ فِي مَوْضِعِهَا الَّتِي قَالَ أَهْلُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ: إِنَّهَا قَبْلَ التَّرْوِيَةِ بِيَوْمٍ، وَقَالَ أَهْلُ الْقَوْلِ الثَّانِي: إِنَّهَا يَوْمَ التَّرْوِيَةِ ضُحًى، فَإِنَّ الَّذِينَ جَعَلُوهَا يَوْمَ التَّرْوِيَةِ ضُحًى شَبَّهُوهَ بِخُطْبَتَيِ الْعِيدَيْنِ: الْفِطْرِ، وَالنَّحْرِ، وَقَالُوا: وَجَدْنَاهَا فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ مِنَ النَّهَارِ، فَجَعَلْنَا هَذِهِ كَذَلِكَ وَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ لِأَهْلِ الْقَوْلِ الْآخَرِ، أَنَّ خُطْبَتَيِ الْعِيدَيْنِ قَدْ جُعِلَ لَهُمَا صَلَاتَانِ، وَلَمْ تُجْعَلْ هَذِهِ كَذَلِكَ، إِذْ كَانَتْ لَمْ تُجْعَلْ لَهَا صَلَاةٌ قَبْلَهَا، وَلَا بَعْدَهَا وَكَانَتْ خُطْبَةُ عَرَفَةَ قَدْ أُجْمِعَ عَلَى أَنَّ وَقْتَهَا بَعْدَ الزَّوَالِ فِي الصَّدْرِ الْآخِرِ مِنَ النَّهَارِ، وَهِيَ مِنْ خُطَبِ الْحَجِّ، فَكَانَ الْقِيَاسُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْخُطْبَةُ الَّتِي
هِيَ مِنْ خُطَبِ الْحَجِّ بِخُطْبَةِ عَرَفَةَ الَّتِي هِيَ مِنْ خُطَبِ الْحَجِّ، أَشْبَهَ، وَأَنْ يَكُونَ وَقْتُهَا لِوَقْتِهَا وَلَمَّا كَانَتِ الْخُطْبَةُ الَّتِي قَبْلَ عَرَفَةَ فِي وَقْتِهَا بِخُطْبَةِ عَرَفَةَ أَشْبَهَ فِي وَقْتِهَا، وَانْتَفَى أَنْ تَكُونَ فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ مِنَ النَّهَارِ، وَاسْتَحَالَ أَنْ تُجْعَلَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ بَعْدَ الظُّهْرِ، إِذْ كَانَ لَا يَتَهَيَّأُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَخْطُبَهَا بِمَكَّةَ، وَقَدْ صَلَّى صَلَاةَ الظُّهْرِ بِمِنًى، ثَبَتَ أَنَّ الْقَوْلَ فِيهَا كَمَا قَالَ الْآخَرُونَ الَّذِينَ جَعَلُوهَا قَبْلَ التَّرْوِيَةِ بِيَوْمٍ، وَإِذْ كَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute