فَعَلِمْنَا بِذَلِكَ أَنَّ الَّذِي كَانَ مِنْ إِبَاحَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَائِقَ الْبَدَنَةِ رُكُوبَهَا فِي الآثَارِ الأُوَلِ، كَانَ بَعْدَ أَنْ رَأَى بِهِ الْجَهْدَ الَّذِي رَآهُ بِهِ، فَلَمْ تَكُنْ فِيهَا دَلالَةٌ لَنَا عَلَى رُكُوبِهَا، وَلا جَهْدَ بِهِ إِلَى رَكُوبِهَا، لأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقُلْ لَنَا فِي هَذَيْنِ الأَثَرَيْنِ: إِنَّمَا أَبَحْتُهُ رُكُوبَهَا لِلضَّرُورَةِ أَوْ لِلْجَهْدِ الَّذِي أَرَاهُ بِهِ قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَبَاحَهُ ذَلِكَ لِهَذَا الْمَعْنَى وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ إِبَاحَةُ ذَلِكَ لأَنَّ التَّبْدِينَ لَا يَمْنَعُ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى، غَيْرَ أَنَّا وَجَدْنَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ حَرْفًا يَدُلُّ عَلَى مَعْنًى، وَهُوَ قَوْلُ السَّائِقِ لَهَا لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَمَرَهُ بِرُكُوبِهَا
: إِنَّهَا بَدَنَةٌ فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ حُكْمَ الْبُدْنِ كَانَتْ عِنْدَهُمْ أَلا تُرْكَبَ، وَلَمْ يَرُدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَقُولُ لَهُ: هَلْ يَحْرُمُ رَكُوبُ الْبُدْنِ؟ ثُمَّ نَظَرْنَا فِيمَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِوَى ذَلِكَ لِنَسْتَدِلَّ بِهِ عَلَى الْوَجْهِ فِي هَذَا الْمُخْتَلَفِ فِيهِ، فَوَجْدَنَا
١٧٧٢ - فَهْدًا قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ارْكَبُوا الْهَدْيَ بِالْمَعْرُوفِ حَتَّى تَجِدُوا ظَهْرًا " فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِبَاحَةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُمْ رُكُوبَ الْهَدْيِ قَبْلَ أَنْ يَجِدُوا ظَهْرًا، وَالْمَنْعُ مِنْهُ إِيَّاهُمْ مِنْ رُكُوبِهِ إِذَا وَجَدُوا ظَهْرًا وَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ مَا كَانَ مِنْ إِبَاحَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَائِقَ الْبَدَنَةِ فِي الآثَارِ الأُوَلِ مِنْ رُكُوبِهَا الْمَذْكُورِ فِيهَا، كَانَ مِنْهُ عَلَى الضَّرُورَةِ وَالْجَهْدِ اللَّذَيْنِ رَآهُمَا بِسَائِقِهَا، وَلا يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَحْمِلَ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الآثَارِ عَلَى التَّضَادِّ، وَلا عَلَى الاخْتِلافِ الَّذِي يَدْفَعُ بِهِ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَحْمِلَهَا عَلَى الاتِّفَاقِ الَّذِي يَصْدُقُ بَعْضُهَا بَعْضًا، إِذْ كُنَّا نَجِدُ السَّبِيلَ إِلَى ذَلِكَ مِنْهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute