للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَجْعَلْ لَهَا سُكْنَى وَلا نَفَقَةً حِينَ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا ثَلاثًا " فَصَارَ مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ إِنَّمَا يَدُورُ علَى الْحَجَّاجِ، وَمَذْهَبُ أَهْلِ الإِسْنَادِ فِيمَا أَرْسَلَ الْحَجَّاجُ وَلَمْ

يَذْكُرْ فِيهِ سَمَاعًا مَا لَا خَفَاءَ بِهِ عَلَى أَهْلِ الْعِلْمِ بِهَذَا الْمَعْنَى فَإِنِ احْتَجَّ مُحْتَجٌّ لِمَا رَوَتْ فَاطِمَةُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قِصَّتِهَا الَّتِي رُوِّينَاهَا عَنْهَا فِي هَذَا الْبَابِ، وَأَنَّهُ لَيَسْ فِيمَا رَوَتْ مِنْ ذَلِكَ خِلافٌ لِكِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ بِحُجَّةِ فَاطِمَةَ الَّتِي احْتَجَّتْ بِهَا فِي حَدِيثِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ قِيلَ لَهُ: أَمَّا مَا ذَكَرَتْ مِنْ قَوْلِهِ: إِنَّ الْقُرْآنَ إِنَّما نَزَلَ فِيمَنْ لَمْ يُبَتُّ طَلاقُهَا، لَا فِيمَنْ بَتَّ طَلاقَهُ، لأَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ إِلَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} ، وَذَلِكَ لَا يَكُونُ فِي الْمُطَلَّقَاتِ الْمَبْتُوتَاتِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ فِيمَنْ سِوَاهُنَّ مِنَ الْمُطَلَّقَاتِ اللَّاتِي عَلَيْهِنَّ الرَّجْعَةُ لِمَنْ طَلَّقَهُنَّ، فَإِنَّ الْحُجَّةَ فِي ذَلِكَ أَنَّ الآيَةَ عَلَى النِّسَاءِ جَمِيعًا الْمَدْخُولِ بِهِنَّ ذَوَاتِ الْعِدَدِ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ إِلَى قَوْلِهِ: لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} ، فَأَمَرَ عَزَّ وَجَّلَ بِطَلاقِهِنَّ لِلْعِدَّةِ، وَعَطَفَ مَا بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ أَحْكَامِهِنَّ عَلَى الْعِدَّةِ، وَكَانَتِ الْمَرْأَةُ إِذَا طَلَّقَهَا زَوْجُهَا طَلْقَتَيْنِ لِلْعِدَّةِ، إِحْدَاهُمَا بَعْدَ الأُخْرَى، كَانَ لَهَا عَلَيْهِ السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ، لَا اخْتِلافَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ جَميعًا، وَكَانَتِ الرَّجْعَةُ عَلَيْهَا لِمُطَلِّقِهَا، ثُمَّ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُطَلِّقَهَا الثَّالِثَةَ الَّتِي لَا رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا بَعْدَهَا، كَانَ طَلاقُهُ إِيَّاهَا لِلْعِدَّةِ فِي طُهْرٍ لَمْ يَمَسَّهَا فِيهِ، عَلَى مِثْلِ مَا كَانَ عَلَيْهِ حُكْمُهُ فِي طَلاقِهِ إِيَّاهَا كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنَ

التَّطْلِيقَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ، فَإِذَا لَمْ تَخْرُجِ الطَّلْقَةُ الثَّالِثَةُ مِنْ أَنْ تُوقَعَ لِلْعِدَّةِ فِي طُهْرٍ لَا مَمَاسَّةَ فِيهِ، وَكَانَ عَلَيْهَا أَنْ تَعْتَدَّ لِلتَّطْلِيقَةِ الثَّالِثَةِ مِثْلَ مَا تَعْتَدُّ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنَ التَّطْلِيقَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ مِنَ الشُّهُورِ أَوِ الْحَيْضِ عَلَى مَا بَيَّنَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي ذَلِكَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ، وَفِيمَا سِوَاهَا مِنَ الْقُرْآنِ، لَمْ تَخْرُجْ هَذِهِ التَّطْلِيقَةُ أَيْضًا مِمَّا كَانَ لَهَا مِنَ السُّكْنَى وَالنَّفَقَةِ كَمَا لَمْ تَخْرُجْ مِمَّا كَانَ عَلَيْهَا، وَلَهَا سَائِرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>