للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَحْكَامِ الْمُطَلَّقَاتِ الطَّلاقَ الْمَمْلُوكَ فِيهِ الرَّجْعَةُ عَلَيْهِنَّ، وَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ الْمُطَلَّقَاتِ جَمِيعًا ذَوَاتِ الْعِدَدِ مُرَادَاتٌ بِجَمِيعِ مَا فِي هَذِهِ السُّورَةِ غَيْرَ أَنَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ذَكَرَ الْمُرَاجَعَةَ لِمَنْ عَلَيْهِ الْمُرَاجَعَةُ مِنْهُنَّ، لَا لِمَنْ سِوَاهُنَّ مِمَّنْ لَا رَجْعَةَ عَلَيْهِ مِنْ سَائِرِ الْمُطَلَّقَاتِ وَلَمَّا انْتَفَى أَنْ يَكُونَ حَدِيثُ فَاطِمَةَ حُجَّةً لِمَا ذَكَرْنَا يَجِبُ الأَخْذُ بِهَا وَحَمْلُ سَائِرَ الْمُطَلَّقَاتِ الْمُعْتَدَّاتِ عَلَيْهَا، رَجَعْنَا إِلَى أَقْوَالِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ، فَوَجَدْنَاهُمْ عَلَى ثَلاثَةِ أَقْوَالٍ: فَطَائِفَةٌ تَقُولُ: لَا نَفَقَةَ لَهَا وَلا سُكْنَى، وَتَحْتَجُّ لِمَا تَقُولُ بِحَدِيثِ فَاطِمَةَ الَّذِي رُوِّينَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ، وَقَدْ ثَبَتَ انْتِفَاءُ مَا فِي حَدِيثِ فَاطِمَةَ مِنْ أَنْ يَكُونَ حُجَّةً لِهَذَا الْمَعْنَى وَطَائِفَةٌ تَقُولُ: لَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ، مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ، وَسُفْيَانُ، وَزُفَرُ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ، وَكَثِيرٌ مِنْ أْهَلِ الْعِلْمِ سِوَاهُمْ، وَيَحْتَجُّونَ فِي ذَلِكَ بِمَا رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ، وَابْنِ مَسْعُودٍ مِنْ آرَائِهِمَا، وَمَا رَوَاهُ عُمَرُ فِيهِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَا وَطَائِفَةٌ تَقُولُ: لَهَا السُّكْنَى وَلا نَفَقَةَ لَهَا إِلا أَنْ تَكُونَ حَامِلا، فَتَكُونُ لَهَا النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى حَتَّى

تَضَعَ حَمْلَهَا، وَيَحْتَجُّونَ فِي إِيجَابِهِمُ السُّكْنَى بِمَا يَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} ، وَهَذَا عَلَى الْعُمُومِ، وَيَحْتَجُّونَ فِي وُجُوبِ النَّفَقَةِ لَهَا بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ: مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَكَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ، فَذَهَبُوا هَذَا الْمَذْهَبَ حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ مَالِكٍ، بِقَوْلِهِ الَّذِي ذَكَرْنَا عَنْهُ فِي هَذَا وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ فِيمَا ذَكَرَهُ لَنَا الرَّبِيعُ عَنْهُ هَذَا وَإِنَّ أَصْلَ حَدِيثِ فَاطِمَةَ الَّذِي ذَكَرْنَا يَرْجِعُ إِلَى الْمَعْنَى الَّذِي كَانَ يَذْهَبُ إِلَيْهِ فِي الْمُطَلَّقَاتِ الْمَبْتُوتَاتِ غَيْرِ الْحَوَامِلِ، أَنَّهُ لَا نَفَقَةَ لَهُنَّ فِي عِدَدِهِنَّ عَلَى مَنْ طَلَّقَهُنَّ، وَأَنَّ لَهُنَّ السُّكْنَى عَلَيْهِمْ إِلَى انْقِضَاءِ عِدَدِهِنَّ، وَقَالَ قَوْلَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِفَاطِمَةَ فِي حَدِيثِهَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، يَعْنِي حَدِيثَ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>