للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِالْحَيْضَةِ وَلَكِنَّهَا رَكْضَةٌ مِنَ الرَّحِمِ، لِتَنْظُرْ قَدْرَ قُرْئِهَا الَّذِي كَانَتْ تَحِيضُ لَهُ فَلْتَتْرُكْ، ثُمَّ لِتَنْظُرْ مَا بَعْدَ ذَلِكَ فَلْتَغْتَسِلْ عَنْد كُلِّ صَلاةٍ وَتُصَلِّي " فَهَذِهِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ مُتَوَاتِرَةٌ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِ مَا فِي حَدِيثِ حَبِيبٍ عَنْ عُرْوَةَ بِمَا ذَكَرْنَا، وَلا نَعْلَمُ وَجْهًا يَجِبُ أَنْ يُنْكَرَ بِهِ هَذَا الْحَدِيثُ فَإِنِ احْتَجَّ مُحْتَجٌّ مِمَّنْ يَقُولُ: الأَقْرَاءُ الأَطْهَارُ، بِمَا احْتَجَّ بِهِ الشَّافِعِيُّ، فَذَكَرَ قَوْلَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُمَرَ لَمَّا أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللهِ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ حَائِضًا: " مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ثُمَّ يَتْرُكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ، ثُمَّ تَطْهُرَ، فَتِلْكُ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ تُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ بِأَسَانِيدِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ قَالَ: فَفِي ذَلِكَ مَا دَلَّ عَلَى أَنَّ الْعِدَّةَ هِيَ الطُّهْرُ، إِذْ كَانَ الطُّهْرُ هُوَ الْوَقْتُ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُوقَعَ الطَّلاقُ لِلسُّنَّةِ فِيهِ، لَا الْحَيْضُ الَّذِي يَتَّصِلُ عِنْدَ إِيقَاعِ الطَّلاقِ لِلسُّنَّةِ فِيهِ قِيلَ لَهُ: الْعِدَّةُ اسْمٌ جَامِعٌ يَقَعُ عَلَى أَشْيَاءَ مُخْتَلِفَةٍ، فَمِنْ ذَلِكَ الْعِدَّةُ الَّتِي تُطَلَّقُ لَهَا النِّسَاءُ، هِيَ الأَطْهَارُ، وَمِنْ

ذَلِكَ الْعِدَّةُ الَّتِي يَعْتَدِدْنَ بِهَا مِنْ وَفَاةِ أَزْوَاجِهِنَّ عَنْهُنَّ، وَهِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ إِذَا لَمْ يَكُنَّ حَوَامِلَ، وَمِنْ ذَلِكَ الْعِدَّةُ الَّتِي يَعْتَدِدْنَ بِهَا إِذْ كُنَّ حَوَامِلَ فِي طَلاقِ الأَزْوَاجِ، وَفِي مَوْتِهِنَّ جَمِيعًا، وَمِنْ ذَلِكَ الْعِدَّةُ الَّتِي يَعْتَدِدْنَ بِهَا مِنَ الطَّلاقِ إِنْ لَمْ يَكُنَّ حَوَامِلَ، وَهِيَ الأَقْرَاءُ الَّتِي اخْتَلَفْنَا فِيهَا فَكُلُّ هَذَا يُسَمَّى عِدَّةً، وَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا غَيْرُ مَا سِوَاهُ مِنْهَا وَإِذَا كَانَتْ هَذِهِ الأَجْنَاسُ الْمُخْتَلِفَةُ يَقَعُ عَلَيْهَا هَذَا الاسْمُ احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ هَذَا الاسْمُ أَيْضًا يَقَعُ عَلَى الطَّلاقِ لِلْعِدَّةِ، وَهُوَ غَيْرُ مَا سِوَاهُ مِنَ الْعِدَدِ، وَهَذَا عُمَرُ الَّذِي خَاطَبَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الَّذِي احْتَجَجْتَ بِهِ قَدْ قَالَ: " إِنَّ الأَقْرَاءَ الْحِيَضُ "، وَمَذْهَبُكَ أَنَّ مَنْ رَوَى حَدِيثًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَوْلَى بِتَأْوِيلِهِ، فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْكَ أَنْ يَكُونَ عُمَرُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَوْلَى مِمَّنْ خَالَفَهُ فِي الأَقْرَاءِ فَإِنْ قُلْتَ: إِنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ قَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ، وَوَقَفَ عَلَى مَا قَالَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنْهُ فِي الأَقْرَاءِ أَنَّها الأَطْهَارُ؟ قِيلَ لَكَ: قَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ خِلافُ ذَلِكَ فِيمَا ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْبَابِ، وَهُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>