أَوْلَى بِهِ لِمُوَافَقَةِ مَا كَانَ عُمَرُ عَلَيْهِ وَلَمَّا وَجَدْنَا اللهَ عَزَّ وَجَّلَ جَعَلَ الأَقْرَاءَ مُضَمَّنَةً بِالْعَدَدِ، فَقَالَ: {ثَلاثَةَ قُرُوَءٍ} ، وَكَانَ مِنْ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّها الأَطْهَارُ: أَنَّهُ إِذَا طَلَّقَهَا فِي طُهْرٍ قَدْ مَضَى أَكْثَرُهُ، أَنَّهَا تَعْتَدُّ بِمَا بَقِيَ مِنْهُ قُرْءًا مَعَ قُرْءَيْنِ كَامِلَيْنِ سِوَاهُ، فَعَادَ ذَلِكَ عَلَى
مَذْهَبِهِ إِلَى قُرْءَيْنِ وَبَعْضِ ثَالِثٍ وَهَذَا بِغَيْرِ مَا نَصَّهُ الْكِتَابُ لأَنَّهُ قَدْ نَصَّ جَلَّ وَعَزَّ عَدَدًا، فَلا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَقَلَّ مِنْهُ فَإِنْ قَالَ: فَقَدْ رَأَيْنَاهُ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} ، وَكَانَ ذَلِكَ فِي الْحَقِيقَةِ عَلَى شَوَّالٍ وَذِي الْقَعْدَةِ وَبَعْضِ ذِي الْحَجَّةِ، وَكَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ} ، فَجَعَلَ ذَلِكَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَخَوَيْنِ فَصَاعِدًا، كَانَ كَذَلِكَ هَذَا أَيْضًا فِي الأَقْرَاءِ قِيلَ لَهُ: لَا يُشْبِهُ هَذَا الأَقْرَاءَ، لأَنَّهُ مَا جَاءَ بِغَيْرِ عَدَدٍ كَمَا قَالَ: {أَشْهُرٌ} ، وَكَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {إِخْوَةٌ} ، جَازَ فِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ عَلَى اثْنَيْنِ فَصَاعِدًا وَإِنْ كَانَ دُونَ الثَّلاثَةِ وَأَمَّا مَا وُكِّدَ بِالْعَدَدِ فَقِيلَ فِيهِ: ثَلاثَةٌ، أَوْ أَرْبَعَةٌ، أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ، فَلا يَجُوزُ أَنْ يُنْقَصَ عَنْ ذَلِكَ كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {وَاللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللائِي لَمْ يَحِضْنَ} ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَقَعَ ذَلِكَ عَلَى أَقَلِّ مِنْ ثَلاثَةِ أَشْهُرٍ، كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} ، فَلَمْ يَجُزْ فِي ذَلِكَ أَقَلُّ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ، وَكَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى أَقَلِّ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَكَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ سُورَة
الْبَقَرَة آيَة، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَنْقُصَ عَنْ شَيْءٍ مِمَّا سَمَّاهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ الْعَدِدِ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute