للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْبَابِ، وَوَصْفَ مَا كَانَ مِنْ زَوْجِ خَوْلَةَ، وَهُوَ أَوْسُ بْنُ صَامِتٍ، وَأَنَّهُ قَوْلُهُ لَهَا: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، فَحَرَّمَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ بَعْدَ نُزُولِ الآيَةِ الَّتِي أُنْزِلَتْ حَتَّى يَفْعَلَ مَا أَمَرَه بِهِ، وَلَمْ يَنْتَظِرْ بِذَلِكَ أَنْ يَقُولَ لَهَا قَوْلا مِثْلَهُ، فَيَكُونُ بِذَلِكَ الْقَوْلِ عَائِدًا كَمَا قَالَ أَهْلُ الْمَقَالَةِ الأُولَى الَّتِي حَكَيْنَا فِي هَذَا الْبَابِ فَبَطَلَ بِذَلِكَ مَا قَالُوا عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفِيمَا ذَكَرْنَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ لِلْمُتَظَاهَرِ مِنْهَا لَمَّا ذَكَرَتْ لَهُ ظِهَارَ زَوْجِهَا مِنْهَا قَبْلَ نُزُولِ الآيَةِ الَّتِي فِيهَا كَفَّارَةُ الظِّهَارِ: " قَدْ حَرُمْتِ عَلَيْهِ "، لأَنَّ الظِّهَارَ كَانَ حِينَئِذٍ لَا حُكْمَ لَهُ تُحِلُّهُ الْكَفَّارَةُ، أَوْ تَجِبُ فِيهِ الْكَفَّارَةُ، إِنَّمَا كَانَ طَلاقَ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ حَتَّى أَنْزَلَ اللهُ

عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ مَا أَنْزَلَ، فَقَرَأَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمُتَظَاهِرِ، ثُمَّ قَالَ: أَتَجِدُ كَذَا؟ أَتَسْتَطِيعُ كَذَا؟ وَلَمْ يَقُلْ لَهُ: أَتُطَلِّقُهَا فَتَسْقُطُ الْكَفَّارَةُ عَنْكَ، كَمَا يَقُولُ الشَّافِعِيُّ، أَوْ: أَتَحْبِسُهَا وَتَعْزِمُ عَلَى مُرَافِقِهَا، فَيَكُونُ بِذَلِكَ عَائِدًا كَمَا قَالَ مَالِكٌ، فَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ عَلَيْكَ؟ فَفِي تَرْكِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْكَفَّارَةَ تَجِبُ بِخِلافِ هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ، وَهُوَ لأَنْ يُحِلَّ بِهَا مَا كَانَ حَرَامًا قَبْلَهَا كَمَا قَالَ الَّذِينَ ذَكَرْنَا عَنْهُمْ فِي هَذَا الْبَابِ وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَنْ جَعَلَ امْرَأَتَهُ عَلَيْهِ كَظَهْرِ مَنْ هِيَ عَلَيْهِ حَرَامٌ مِنْ ذَوَاتِ مَحَارِمِهِ الْمُحَرَّمَاتِ عَلَيْهِ، فَجَعَلَ قَوْمٌ حُكْمَ ذَلِكَ كَحُكْمِ الْمُظَاهِرِ بِالأُمَّهَاتِ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ كَمَا حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ فِي إِمْلائِهِ لَهُمْ وَقَدْ كَانَ الشَّافِعِيُّ يَذْهَبُ إِلَى هَذَا فِيمَا ذَكَرَهُ لَنَا الْمُزَنِيُّ عَنْهُ وَأَبَى ذَلِكَ قَوْمٌ آخَرُونَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، فَلَمْ يَجْعَلُوا الظِّهَارَ إِلا بِالأُمَّهَاتِ خَاصَّةً دُونَ مَنْ سِوَاهُنَّ مِنْ ذَوَاتِ الأَرْحَامِ الْمُحَرَّمَاتِ وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ، وَوَجَدْنَا اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ ذَكَرَ الطَّلاقَ فِي كِتَابِهِ فَسَمَّاهُ بِمَا سَمَّاهُ، ثُمَّ رَأَيْنَاهُمْ جَمِيعًا قَدْ أَلْحَقُوا بِذَلِكَ مَا فِيهِ مَعَانِي الطَّلاقِ مِثْلُ الْخَلِيَّةِ، وَالْبَرِيَّةِ، وَالْبَائِنِ، وَالْحَرَامِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْوُجُوهِ الَّتِي يَحْكُمُونَ لَهَا بِحُكْمِ الطَّلاقِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي ظَاهِرِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>