طَلاقًا وَكَذَلِكَ الإِيلاءُ، وَهُوَ قَوْلُ الرَّجُلِ لامْرَأَتِهِ: وَاللهِ لَا أَقْرَبُكِ، قَدْ أُلْحِقَ بِذَلِكَ أَمْثَالُهُ، مِثْلُ قَوْلِهِ: إِنْ قَرُبْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَإِنْ
قَرُبْتُكِ فَعَلَيَّ حَجَّةٌ، أَوْ: إِنْ قَرُبْتُكِ فَعَلَيَّ عِتْقُ رَقَبَةٍ، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَالْقِيَاسُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الظِّهَارُ كَذَلِكَ، وَأَنْ يَكُونَ بِالأُمَّهَاتِ وَبِمَنْ حُكْمُهُ حُكْمُ الأُمَّهَاتِ فِي الْحُرُمَاتِ مِمَّنْ ذَكَرْنَا، وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ أَهْلُ الْحُرُمَاتِ بِالرَّضَاعِ، وَأَهْلُ الْحُرُمَاتِ بِمَا سِوَاهُ وَكَذَلِكَ كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ يَذْهَبُونَ إِلَيْهِ كَمَا حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ فِي إِمْلائِهِ عَلَيْهِمْ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ، قَدْ خَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ، فَذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْمُتَظَاهِرَ لَا يَكُونُ بِمَنْ طَرَأَتْ حُرْمَتُهُ كَالرَّضَاعِ الطَّارِئِ، وَكَمَا سِوَاهُ مِنَ الأَشْيَاءِ الطَّارِئَةِ، فَإِنَّ الْقِيَاسَ يَمْنَعُ مِنْ هَذَا الْقَوْلِ، لأَنَّ اللهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لَمَّا جَعَلَ عَلَى الْمُظَاهِرِ الْكَفَّارَةَ فِي جَعْلِهِ امْرَأَتَهُ الَّتِي جَعَلَهَا اللهُ حَلالَهُ، كَظَهْرِ أُمِّهِ الَّتِي جَعَلَهَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ حَرَامًا، كَانَ ذَلِكَ أَيْضًا إِذَا جَعَلَهَا حَرَامًا كَحُرْمَةِ مَا قَدْ حَرَّمَهَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ بِالرَّضَاعِ فِي هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الرِّقَابِ الْوَاجِبَاتِ عَلَى الْمُتَظَاهِرِينَ، هَلْ تُجْزِئُ فِيهَا غَيْرُ الْمُؤْمِنَاتِ كَمَا تُجْزِئُ الْمُؤْمِنَاتُ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تُجْزِئُ فِيهَا إِلا الْمُؤْمِنَاتُ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ، قَالَ: لأَنَّهُنَّ وَإِنْ لَمْ يُوصَفْنَ فِي آيَةِ الظِّهَارِ بِالإِيمَانِ فَقَدْ وَصَفَهُنَّ بِهِ فِي غَيْرِهَا مِنْ آيِ الْكَفَّارَاتِ كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ الْخَطَإِ: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} ، فَدَلَّ أَنَّ سَائِرَ الرِّقَابِ اللائِي ذَكَرَهَا فِي كِتَابِهِ فِي الْكَفَّارَاتِ كَذَلِكَ، وَأَنَّهُ لَا يُجْزِئُ فِيهَا إِلا الْمُؤْمِنَاتُ كَمَا ذَكَرَ عَزَّ وَجَلَّ الشُّهُودَ فِي كِتَابِهِ فَقَالَ: لَوْلا
جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ سُورَة النُّور آيَة، فَكَانَ ذَلِكَ عَلَى الْعُدُولِ وَإِنْ لَمْ يَصِفْهُمْ فِي الآيَةِ الَّتِي ذَكَرَهُمْ فِيهَا، إِذْ كَانَ قَدْ وَصَفَهُمْ بِذَلِكَ فِي غَيْرِهَا كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي آيَةِ الدَّيْنِ: وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ سُورَة الْبَقَرَة آيَة، وَفِي آيَةِ الْوَصِيَّةِ: اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ سُورَة الْمَائِدَة آيَة، وَفِي آيَةِ الرَّجْعَةِ: وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute