للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ، فَقَالُوا: تُجْزِئُ فِي ذَلِكَ الْمُؤْمِنَاتُ وَغَيْرُ الْمُؤْمِنَاتِ، إِذْ كَانَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَطْلَقَهُنَّ فَلَمْ يَصِفْهُنَّ بِإِيمَانٍ وَلا بِغَيْرِهِ فِي الآيِ اللاتِي ذَكَرَهُنَّ فِيهَا، وَلا يُجْزِئُ فِيمَا وَصَفَهُ فِيهِنَّ بِالإِيمَانِ إِلا الْمُؤْمِنَاتُ، وَكَانَ مِنْ حُجَّتِهِمْ عَلَى أَهْلِ الْمَقَالَةِ الأُولَى أَنْ قَالُوا: رَأَيْنَا فِي كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ الْكَفَّارَاتِ مَا قَدْ وُصِفَ بِشَيْءٍ وَلَمْ يُوصَفْ بِهِ سَائِرُ الْكَفَّارَاتِ، فَلَمْ يَكُنْ مَا وُصِفَتْ بِهِ كَفَّارَةٌ دَلِيلا عَلَى مَا وُصِفَتْ بِهِ كَفَّارَةٌ أُخْرَى مِمَّا لَمْ يُذْكَرْ ذَلِكَ فِيهَا، وَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ الْخَطَإِ، وَفِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ: فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ سُورَة النِّسَاء آيَة، فَكَانَ ذَلِكَ عَلَى التَّتَابُعِ، لَا يُجْزِئُ إِلا عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ فِي كَفَّارَةِ الأَذَى: فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ سُورَة الْبَقَرَة آيَة، وَكَانَ ذَلِكَ الصِّيَامُ يُجْزِئُ فِيهِ التَّتَابُعُ وَغَيْرُ التَّتَابُعِ، وَفِي كَفَّارَةِ الصَّيْدِ: فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ سُورَة الْمَائِدَة آيَة، حَتَّى ذَكَرَ الصِّيَامَ الَّذِي ذَكَرَهُ عَزَّ وَجَلَّ، فَكَانَ

ذَلِكَ الصِّيَامُ يُجْزِئُ فِيهِ التَّتَابُعُ وَغَيْرُ التَّتَابُعِ وَقَوْلُهُ فِي التَّمَتُّعِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ عِنْدَ عَدَمِ الْهَدْيِ: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} ، فَكَانَ ذَلِكَ يُجْزِئُ فِيهِ التَّتَابُعُ وَغَيْرُ التَّتَابُعِ فِي أَشْبَاهٍ، لِذَلِكَ فَلَمْ يَجْعَلْ مَا لَمْ يُوصَفْ بِالتَّتَابُعِ مِنْ هَذِهِ الأَشْيَاءِ عَلَى التَّتَابُعِ، إِذْ كَانَ غَيْرُهُ مِنْ أَشْكَالِهِ قَدْ وَصَفَ بِهِ، بَلْ جَعَلَ الْمَوْصُوفَ بِالتَّتَابُعِ لَا يُجْزِئُ إِلا مُتَتَابِعًا، وَالْمَسْكُوتَ عَنْ ذِكْرِ التَّتَابُعِ فِيهِ يُجْزِئُ مُتَتَابِعًا وَغَيْرَ مُتَتَابِعٍ، غَيْرَ الصِّيَامِ فِي كَفَّارَاتِ الأَيْمَانِ، فَإِنَّ الَّذِي أَوْجَبُوا التَّتَابُعَ فِي ذَلِكَ إِنَّمَا أَوْجَبُوهُ فِيمَا ذَكَرُوا اتِّبَاعًا لِمَا فِي قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ " فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَاتٍ " وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ، وَمَا يُلْزِمُ أَهْلَ هَذِهِ الْمَقَالَةِ، وَالْحُجَّةَ عَلَيْهِمْ، وَالْحُجَّةَ لَهُمْ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ فَلَمَّا كَانَ مَا ذَكَرْنَا فِي الصِّيَامِ كَمَا وَصَفْنَا، كَانَ كَذَلِكَ الْمَذْكُورُ بِالإِيمَانِ مِنَ الرِّقَابِ، لَا يُجْزِئُ فِيهِ إِلا مَنْ كَانَ كَذَلِكَ، وَالْمَسْكُوتُ مِنْ ذِكْرِهِ بِالإِيمَانِ مِنْهَا تُجْزِئُ فِيهِ الْمُؤْمِنَاتُ وَغَيْرُ الْمُؤْمِنَاتِ، وَلا يَكُونُ الْوَصْفُ لأَحَدِ الأَمْرَيْنِ مِنَ الرِّقَابِ بِالإِيمَانِ وَصْفًا لِلآخَرِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>