كَمَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فِي الصِّيَامِ وَالرِّقَابِ اللائِي مِنَ الْكَفَّارَاتِ أَشْبَهَ بِالصِّيَامِ الَّذِي مِنَ الْكَفَّارَاتِ مِنْهَا بِالشَّهَادَاتِ فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّهُ يُجْزِئُ فِي الرِّقَابِ الْمَسْكُوتِ عَنْ وَصْفِهَا بِالإِيمَانِ الْمُؤْمِنَاتُ وَغَيْرُ الْمُؤْمِنَاتِ كَمَا قَالَ الْقَائِلُونَ بِذَلِكَ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ وَهَذِهِ الرِّقَابُ الَّتِي ذَكَرْنَا أَنَّها تُجْزِئُ فِي الْكَفَّارَاتِ غَيْرَ الظِّهَارِ قَدِ اخْتُلِفَ فِيهَا، أَيُّ الرِّقَابِ هِيَ؟ فَقَالَ قَائِلُونَ: هِيَ غَيْرُ الْمُسْتَهْلَكَاتِ مِنْهُنَّ بِالْعَمَى، أَوْ بِقَطْعِ الْيَدَيْنِ
، أَوْ بِقَطْعِ الرِّجْلَيْنِ، أَوْ بِقَطْعِ يَدٍ وَرِجْلٍ مِنْ جَانِبٍ وَاحِدٍ فَأَمَّا مَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ النُّقْصَانِ الَّذِي يَكُونُ كَالْعَوَرِ، وَكَقَطْعِ إِحْدَى الْيَدَيْنِ، أَوْ إِحْدَى الرِّجْلَيْنِ، أَوْ قَطْعِ يَدٍ وَرِجْلٍ مِنْ جَانِبَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، فَإِنَّ مَنْ كَانَ مِنْهُنَّ كَذَلِكَ يُجْزِئُ فِي ذَلِكَ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ وَقَالَ قَائِلُونَ: لَا يُجْزِئُ فِي ذَلِكَ إِلا مَنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى الْبَطْشِ وَإِنْ كَانَ نَاقِصًا كَالأَعْوَرِ، وَكَمَا أَشْبَهَهُ فَأَمَّا الَّذِي يَنْقُصُ بَطْشُهُ بِذَهَابِ يَدِهِ حَتَّى يَكُونَ ذَلِكَ نُقْصَانًا بَيِّنًا فِي بَطْشِهِ، فَلا يُجْزِئُ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ وَقَالَ قَائِلُونَ: لَا يُجْزِئُ مِنَ الرِّقَابِ مَنْ كَانَتْ عَوْرَاءَ، وَلا مَنْ كَانَتْ قَطْعَاءَ، وَلا يُجْزِئُ مِنْهُنَّ إِلا مَنْ كَانَ سَلِيمًا مِنْ ذَلِكَ، وَمِمَّا أَشْبَهَهُ وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ نَظَرْنَا فِيهِ، فَوَجَدْنَا النَّاقِصَ الأَنْمُلَةَ أَوِ الْمَعِيبَ عَيْبًا فِي يَدَيْهِ يُنْقِصُهُ ذَلِكَ الْعَيْبُ مِنْ قِيمَتِهِ لَوْ كَانَ صَحِيحًا، أَوْ مِنْ ثَمَنِهِ لَوْ كَانَ سَلِيمًا مِنْهُ مِنَ الرِّقَابِ، يُجْزِئُ بِلا اخْتِلافٍ فِي ذَلِكَ عَلِمْنَاهُ فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّهُ يُجْزِئُ مِنَ الرِّقَابِ فِي ذَلِكَ مَنْ بِهِ نَقْصٌ مَا، ثُمَّ إِنْ كَانَ غَيْرَ لاحِقٍ بِأَحْوَالِ ذَوِي التَّمَامِ فَإِنِ احْتَجَّ مُحْتَجٌّ فِي ذَلِكَ بِالضَّحَايَا وَبِالْهَدَايَا، فَقَالَ: قَدْ رَأَيْنَا الضَّحَايَا وَالْهَدَايَا لَا يُجْزِئُ فِيهَا الأَعْمَى، كَذَلِكَ الرِّقَابُ الْوَاجِبَاتُ، وَرَأَيْنَا الضَّحَايَا وَالْهَدَايَا لَا يُجْزِئُ فِيهَا الأَعْوَرُ، وَكَانَ مَا إِذَا ذَهَبَتْ عَيْنَاهُ جَمِيعًا لَمْ يَجُزْ فِي ذَلِكَ، لَا يَجُوزُ فِيهِ إِذَا ذَهَبَتْ إِحْدَاهُمَا، فَكَذَلِكَ الرِّقَابُ قِيلَ لَهُ: قَدْ رَأَيْنَا أُمُورَ الضَّحَايَا وَالْهَدَايَا قَدْ وُكِّدَ فِي هَذِهِ الْمَعَانِي أَكْثَرَ
مِمَّا وُكِّدَ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute