أَمْثَالِهَا مِنَ الرِّقَابِ، مِنْ ذَلِكَ أَنَّا رَأَيْنَا الصَّغِيرَ مِنَ الرِّقَابِ يُجْزِئُ فِيمَا يُجْزِئُ فِيهِ الْكَبِيرُ، وَرَأَيْنَا السَّخْلَ مِنَ الْمَوَاشِي لَا يُجْزِئُ فِيمَا يُجْزِئُ فِيهِ الْكَبِيرُ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى اخْتِلافِ أَصْلَيْهِمَا، وَأَنَّ أَحَدَهُمَا قَدْ زِيدَ فِي تَوْكِيدِهِ عَلَى تَوْكِيدِ الآخَرِ، وَإِذَا تَبَايَنَ أَصْلاهُمَا فِي زِيَادَةِ تَوْكِيدِ أَحَدِهِمَا عَلَى الآخَرِ تَبَايَنَ فَرْعَاهُمَا، وَبَطَلَ أَنْ يُرَدَّ حُكْمُ فَرْعِ أَحَدِهِمَا إِلَى حُكْمِ فَرْعِ الآخَرِ وَلَمَّا بَطَلَ ذَلِكَ، وَثَبَتَ أَنَّهُ لَمْ يُرَدَّ فِي الرِّقَابِ الْمُتَكَامَلِ مِنْهَا، ثَبَتَ أَنَّهَا تُجْزِئُ عَلَى النَّقَائِصِ الَّتِي فِيهَا كَمَا تُجْزِئُ لَوْ كَانَتْ فِيهَا نَقَائِصُ حَتَّى يُجْمَعَ عَلَى خُرُوجِهَا مَنْ ذَلِكَ إِلَى النَّقَائِصِ الَّتِي يُجْمَعُ عَلَى أَنَّهَا لَا تُجْزِئُ وَهِيَ بِهَا فَثَبَتَ بِذَلِكَ مَا ذَكَرْنَا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ فِي هَذَا وَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} ، فَذَلِكَ مِنَ الْمُحْكَمِ الَّذِي جَعَلَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ كَفَّارَةَ مَنْ لَمْ يَجِدْ رَقَبَةً يَعْتِقُهَا عَنْ ظِهَارِهِ فَإِنْ دَخَلَ فِي الصَّوْمِ غَيْرَ وَاجِدٍ لِلرَّقَبَةِ، فَصَامَ بَعْضَهُ ثُمَّ وَجَدَهَا، فَإِنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ يَخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ، فَكَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ: إِذَا كَانَ الَّذِي صَامَ أَكْثَرَ الصَّوْمِ، وَالَّذِي بَقِيَ أَقَلَّهُ، مَضَى عَلَى صَوْمِهِ وَأَجْزَأَهُ الصَّوْمُ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي صَامَ أَقَلَّهُ ثُمَّ وَجَدَ الرَّقَبَةَ لَمْ يَحْتَسِبْ بِمَا مَضَى، وَلَمْ يَكُنِ الصَّوْمُ لَهُ كَفَّارَةً، وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَعْتِقَ الرَّقَبَةَ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ: إِذَا دَخَلَ فِي الصَّوْمِ، فَصَامَ شَيْئًا مِنْهُ قَلِيلا كَانَ أَوْ كَثِيرًا، ثُمَّ وَجَدَ الرَّقَبَةَ أَتَمَّ صَوْمَهُ، وَلا عِتْقَ عَلَيْهِ
، لأَنَّهُ دَخَلَ فِي ذَلِكَ وَهُوَ مِنْ أَهْلِهِ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ: إِذَا صَامَ وَهُوَ لَا يَجِدُ الرَّقَبَةَ، ثُمَّ وَجَدَهَا وَقَدْ بَقِيَ عَلَيْهِ مِنَ الصَّوْمِ شَيْءٌ، قَلَّ ذَلِكَ أَوْ كَثُرَ، زَالَ ذَلِكَ الْعُذْرُ، وَلَمْ يُجْزِئْهُ الصَّوْمُ، وَكَانَ عَلَيْهِ الْعِتْقُ، وَكَانَ فِي مَعْنَى مَنْ كَانَ وَاجِدًا لِلرَّقَبَةِ قَبْلَ دُخُولِهِ فِي الصَّوْمِ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ، وَهَذَا هُوَ الْقَوْلُ عِنْدَنَا، وَاللهُ أَعْلَمُ، لأَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّمَا جَعَلَ الصَّوْمَ كَفَّارَةً لِمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الرِّقَابِ، فَإِذَا صَارَ مِنْ أَهْلِهَا لَمْ يُجْزِئْهُ أَنْ يَصُومَ صَوْمًا لَمْ يَجْعَلْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute